الهدر وأوجب القسامة عليهم لرجاء أن يظهر القاتل بهذا الطريق فيتخلص غير الجاني إذا ظهر الجاني ولهذا يستحلفون بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا ثم على أهل كل محلة حفظ محلهم عن مثل هذه الفتنة لأن التدبير في محلتهم إليهم .
فإنما وقعت هذه الحادثة لتفريط كان منهم في الحفظ حين تغافلوا عن الأخذ على أيدي السفهاء منهم أو من غيرهم فأوجب الشرع القسامة والدية عليهم لذلك .
ووجوب القسامة والدية على أهل المحلة مذهب علمائنا .
وقال مالك رضي الله عنه إذا كان بين أهل القتيل وأهل المحلة عداوة ظاهرة ولوث وتأثيره وكان العهد قريبا بدخوله في محلتهم إلى أن وجد قتيلا يؤمر الولي بأن يعين القاتل منهم باعتبار اللوث وتفسير اللوث أن يكون عليه علامة القاتلين أو يكون هو مشهورا بعداوته ثم يحلف الولي خمسين يمينا بالله أنه قتله فإذا حلف اقتص له من القاتل .
وهو قول الشافعي في القديم .
وقال في الجديد فإذا حلف قضي له بالدية في ماله وإذا انعدمت هذه المعاني أو أبى الولي أن يحلف فالحكم فيه ما هو الحكم في سائر الدعاوى .
واحتج مالك رضي الله عنه بقوله عليه الصلاة والسلام في حديث سهل بن أبي حثمة أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم وفي رواية تحلفون وتستحقون وهذا تنصيص على أن اليمين على الولي وأنه يستحق القصاص وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالقود في القسامة وقضى به أبو بكر وعمر رضي الله عنهم وعن بعض الصحابة قال قتلنا قاتل ولينا في القسامة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا حجة سوى اللوث .
وفي الحديث المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة ففي هذا الاستثناء تنصيص على أن في القسامة اليمين على المدعي فإذا حلف ترجح معنى الصدق في جانبه فيستحق المدعى وهو القود .
ثم قال الشافعي رضي الله عنه نرجح جانبه ولكن بحجة فيها ضرب شبهة والقصاص عقوبة يندرئ بالشبهة فيجب المال وهذا لأن اليمين حجة من يشهد له الظاهر كما في سائر الدعاوى فإن الظاهر يشهد للمدعى عليه لأن الأصل براءة ذمته فأما في القسامة فالظاهر يشهد للمدعي عند قيام اللوث وقرب العهد فيكون اليمين حجة له .
وحجتنا ما روينا من الآثار المشهورة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أعطى الناس بدعواهم الحديث وقد بينا في كتاب الدعوى أن اليمين ليست بحجة صالحة لاستحقاق فلس بها فكيف تكون حجة لاستحقاق نفس خصوصا في موضع يتيقن بأن الحالف مجازف يحلف على ما لم يعاينه بحال محتمل في نفسه وهو اللوث وإنما اليمين مشروعة لإبقاء ما كان على ما كان فلا