وقال الشافعي رضي الله عنه حكومة عدل لأنه شعر مستمد من البدن بعد كمال الخلقة فلا يتعلق بحلقه كمال الدية كشعر الصدر والساق وهذا لأنه ليس في حلق الشعر تفويت منفعة كاملة إنما فيه فقط تفويت بعض الجمال فإنه يلحقه نوع شين على الوجه الذي لغير الكوسج بقلة شعره ووجوب كمال الدية يعتبر بتفويت منفعة كاملة والدليل عليه أن ما يوجب في الحر كمال الدية يوجب في العبد كمال القيمة وبالاتفاق لو حلق لحية عبد إنسان لا يلزمه كمال القيمة وإن أفسد المنبت وإنما يلزمه النقصان فكذلك في حق الحر .
وحجتنا في ذلك حديث علي رضي الله عنه فإن ما نقل عنه في هذا الباب كالمرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ذلك لا يستدرك بالرأي .
والمعنى فيه أنه فوت عليه جمالا كاملا فيلزمه كمال الدية كما لو قطع الأذنين الشاخصتين وبيان ذلك أن في اللحية جمالا كاملا في أوانه وكذلك في شعر الرأس جمال كامل .
( ألا ترى ) أن من عدم ذلك خلقة تكلف لستره وإخفائه ولا شك أن في شعر الرأس جمالا كاملا وبعض المنفعة أيضا فما يحصل لها بالجمال من المنفعة أعظم وجوه المنفعة وكذلك في اللحية والأصل فيه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن لله تعالى ملائكة تسبيحهم سبحان من زين الرجال باللحى والنساء بالقرون والذوائب ثم تفويت المنفعة يوجب كمال الدية كما إذا ضرب على ظهره حتى انقطع ماؤه فكذلك تفويت الجمال الكامل يوجب كمال الدية لأن الغرض للعقلاء في الجمال أكثر مما هو في المنفعة بخلاف شعر الصدر والساق فليس في حلقه تفويت جمال كامل فلهذا لم يؤثر ذلك في النقصان فلا يجب شيء .
فأما في لحية العبد فروايتان روى الحسن عن أبي حنيفة أنه يجب كمال القيمة .
وفي ظاهر الرواية يجب نقصان القيمة وهو نظير الروايتين في قطع الأذنين الشاخصتين من العبد .
ففي رواية الحسن قال القيمة في العبد كالدية في الحر فما يجب بتفويته كمال الدية في الحر يجب بتفويته كمال القيمة في العبد .
وفي ظاهر الرواية قال الجمال غير مقصود للمولى من عبده وإنما المقصود منفعة الاستخدام وبحلق لحيته أو قطع الأذنين الشاخصتين منه لا يفوت هذا المقصود فلهذا لا يجب به كمال القيمة فأما الجمال فمقصود في الأحرار وبتفويته يجب كمال الدية وتكلموا في حلق لحية الكوسج .
والأصح في ذلك ما فصله أبو جعفر الهندواني رحمه الله إن كان الثابت على ذقنه شعرات معدودة فليس في حلق ذلك شيء لأن وجود ذلك لا يزينه وربما يشينه وإن