يتصدق بالدرهم والثوب وما أشبه ذلك ولا يعوض ما وهب له بغير شرط لأن هذا كله تبرع باعتبار أصل الوضع ولا يقرض لأنه تبرع قال عليه السلام قرض مرتين صدقة مرة فإن أجاز المولى هذه التبرعات منه .
فإن لم يكن عليه دين فلا بأس به وإن كان عليه دين لم يجز شيء من ذلك لأن كسبه إذا لم يكن عليه دين فمالية رقبته ومنافعه كلها لمولاه فإجازته كمباشرته وإن كان عليه دين فحق الغرماء في ذلك مقدم على حق المولى فلهذا لا يجوز شيء من ذلك .
وإذا أهدى العبد المأذون هدية أو دعا رجلا إلى منزله فغذاه أو أعاره دابة يركبها أو ثوبا يلبسه فلا بأس به ولا ضمان فيه على الرجل إن هلك شيء من ذلك عنده كان على العبد دين أو لم يكن وفي القياس هذا كله باطل لأنه تبرع والعبد ليس من أهله .
ولكنه استحسن فقال وهذا مما يصنعه التجار ولا يجدون منه بدا في التجارة فإنهم يحتاجون إلى استجلاب قلوب المهاجرين إلى أنفسهم وإعارة موضع الجلوس والوسادة ممن يأتيهم ليعاملهم فلو لم نجوز ذلك من المأذون لأدى إلى الحرج والحرج مدفوع وأيد هذا الاستحسان ما روينا أن النبي عليه السلام كان يجيب دعوة المملوك وأن سلمان رضي الله عنه أهدى إلى النبي عليه السلام وهو مملوك فقبله وأكل أصحابه رضي الله عنهم وأتاه بصدقة فأمر أصحابه بأكلها ولم يأكل منها .
وعن عمر رضي الله عنه أنه سئل عن العبد يتصدق بشيء فقال بالرغيف ونحوه وبه نأخذ فنقول يتصدق المأذون بالطعام ولا يتصدق بالدراهم والكسوة ونحو ذلك لأن أمر الطعام مبني على التوسع ولهذا جاز للمرأة أن تتصدق بمثل ذلك من مال الزوج بدون استطلاع رأي الزوج فإن الناس لا يمتنعون من ذلك عادة والمكاتب في جميع ذلك كالعبد لأن الرق الحاجز له عن التبرعات قائم فيه إلا أن في حق المكاتب لا يجوز ذلك إلا بإذن المولى بخلاف المأذون إذا لم يكن عليه دين لأن كسب المأذون خالص ملك المولى والمولى ممنوع من كسب المأذون سواء كان عليه دين أو لم يكن .
ولو أعتق المأذون أمته على مال لم يجز لأن هذا التصرف ليس بتجارة فإن أجازه المولى جاز إن لم يكن عليه دين كما لو باشره بنفسه والمال دين للمولى عليها ولا يجوز قبض المأذون له منها لأنه في العقد كان معبرا عن المولى فهو في قبض البدل كأجنبي آخر .
وإن لحقه دين بعد إجازة المولى لم يكن للغريم في ذلك المال حق لأنه كسب حر فلا يتعلق به حق غرماء المأذون .
وإن كان على المأذون دين لا يحيط برقبته وبما في يده جاز العتق بإجازة المولى أيضا لكونه مالكا فيها وعليه قيمتها للغرماء