كملك الأرض على معنى أن العشر لا يجب فيه وإنما يجب في الخارج منه فكما لا يجوز تعجيل العشر باعتبار ملك الأرض قبل الزراعة فكذلك لا يجوز تعجيل عشر النخل قبل أن يخرج الطلع بخلاف ما إذا عجل عشر الزرع قبل أن ينعقد الحب لأن القصيل محل لوجوب العشر فيه بدليل أنه لو قصله كما هو يلزمه أداء العشر منه فلهذا جاز التعجيل باعتباره وأما النخل ليس بمحل للعشر فإنه لو قطعه كان حطبا لا شيء فيه فلا يجوز فيه تعجيل العشر باعتباره .
وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول لم يبق بينه وبين وجوب العشر إلا مجرد مضي الزمان فيجوز التعجيل كما يجوز التعجيل عن الزرع قبل أن ينعقد الحب وعن النصاب قبل أن يحول الحول .
( قال ) ( ولو كان في الأرض الخراجية أرض نخل أو مشجرة فلا خراج فيها لكن يوضع عليها بقدر ما تطيق ) ومعنى هذا أنه ليس فيها خراج الكرم ولا خراج الرطبة ولا خراج الزرع لأنها ليست بمنزلة هذه الأراضي في الانتفاع ولكن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فيما وظف من الخراج اعتبر الطاقة حيث قال للذين مسحا الأراضي لعلكما حملتما الأراضي ما لا تطيق فقالا بل حملناها ما تطيق فعرفنا أن المعتبر هو الطاقة ففي المشجرة وأرض النخل تعتبر الطاقة أيضا وذلك أن ينظر إلى غلته فإن كانت مثل غلة الرطبة فخراجها مثل خراج أرض الرطبة وإن كانت مثل غلة الكرم فخراجها كذلك .
( قال ) ( فإن عجل خراج أرضه ثم غرقت تلك السنة كلها فإنه يرد عليه ما أدى من خراجها ) لأنه لم يكن متمكنا من الانتفاع بها فلا يلزمه خراجها ويد الإمام في الخراج المعجل نائبة عن يد صاحب الأرض وقد بينا نظير هذا في زكاة السائمة إذا عجلها فدفعها إلى الساعي ثم هلكت السائمة والمعجل قائم في يد الساعي فإنه يرد عليه فكذلك في الخراج .
( قال ) ( فإن زرعها في السنة الثانية فإنه يحسب له ما أدى من خراجها في هذه السنة إن لم يرد عليه ) لأن يده نائبة في ذلك المال كيده ولا فائدة في الرد عليه ثم الاستيفاء منه .
فإن قيل أليس أنكم قلتم في الزكاة إذا عجلها ولم تجب عليه الزكاة في ذلك الحول فإن المعجل لا يجزئ عما يلزمه في حول آخر .
قلنا ذلك فيما إذا دفعها إلى الفقير فتتم الصدقة تطوعا عند مضي الحول وهنا لا يتم المؤدى خراجا في الحول الأول ولكن له حق الاسترداد فيحسب ذلك له من خراجه في الحول الثاني .
( قال ) ( فإن أجر أرضه سنين فغرقت سنة فلم يفسخ القاضي الإجارة فلا أجر عليه حتى ينضب الماء عنها ولا خراج على ربها في السنة التي غرقت فيها ) لأن وجوب كل واحد منهما باعتبار