فرغ من الدين ومن بيع له لا يأخذ بالشفعة لغيره كما لا يأخذ لنفسه .
( ألا ترى ) أن الوكيل إذا باع دار الرجل بأمره فوكل الشفيع الآمر بخصومة المشتري في ذلك لم يكن وكيلا لأنها بيعت له .
وكذلك المضارب إذا باع دارا من المضاربة فوكل شفيعها رب المال بالخصومة والأخذ بالشفعة لم يكن وكيلا في ذلك .
فإن سلمها المشتري له بغير خصومة جاز والشفيع هو الذي قبضها والعهدة بينه وبين المشتري لأن رب المال بمنزلة الرسول له حين يطلب الوكالة وعبارة الرسول كعبارة المرسل فكان للشفيع أخذها بنفسه والله أعلم .
$ باب بيع المأذون المكيل أو الموزون من صنفين $ ( قال رحمه الله ) ( وإذا باع المأذون من رجل عشرة أقفزة حنطة وعشرة أقفزة شعير فقال أبيعك هذه العشرة الأقفزة حنطة وهذه العشرة الأقفزة شعير كل قفيز بدرهم فالبيع جائز ) لأن جملة المبيع معلوم والثمن معلوم وكل متى أضيفت إلى ما يعلم منتهاه تتناول الجميع فإن تقابضا ثم وجد بالحنطة عيبا ردها بنصف الثمن على حساب كل قفيز بدرهم لأنه كذلك اشترى وعند الرد بالعيب إنما يرد المعيب بالثمن المسمى بمقابلته .
فإذا كان المسمى بمقابلة كل قفيز من الحنطة درهما ردها بذلك أيضا .
وكذلك لو قال القفيز بدرهم لأن الألف واللام للجنس إذا لم يكن هناك معهود فيتناول كل قفيز من الحنطة وكل قفيز من الشعير بمنزلة قوله كل قفيز ولو قال كل قفيز منهما بدرهم وتقابضا ثم وجد بالحنطة عيبا فإنه يردها على حساب كل قفيز منهما النصف من الحنطة والنصف من الشعير بدرهم وذلك بأن يقسم جميع الثمن عشرين درهما على قيمة الحنطة وقيمة الشعير .
فإن كانت قيمة الحنطة عشرين درهما وقيمة الشعير عشرة رد الحنطة بثلثي الثمن لأنه أضاف القفيز الذي جعل الدرهم بمقابلته إليهما بقوله منهما ومطلق هذه الإضافة يقتضي التسوية بينهما فيكون نصف كل قفيز بمقابلة الدرهم من الحنطة ونصف من الشعير فلهذا يقسم جملة الثمن على قيمتهما بخلاف الأول فهناك ذكر القفيز مطلقا وإطلاقه يقتضي أن يكون بمقابلة كل قفيز من الحنطة درهم وبمقابلة كل قفيز من الشعير درهم .
وكذلك لو قال القفيز منهما بدرهم فهذا وقوله كل قفيز منهما بدرهم سواء كما بينا .
ولو قال أبيعك هذه الحنطة وهذا الشعير ولم يسم كيلهما كل قفيز بدرهم فالبيع فاسد في قول أبي حنيفة رحمه الله لأن من أصله أنه إذا لم تكن الجملة معلومة .
فإن ما يتناول هذا اللفظ قفيزا واحدا وقد بينا له