وما حصل من الفضل بعد الشراء فهو إنما يسلم للمشتري بغير عوض فعليه عشر ذلك الفضل فإن كان من جملة الخضراوات ولكن ليس له ثمرة باقية يجب فيه العشر عندهما .
( قال ) ( ولو أن أرضا غصبها رجل فزرعها فالزرع له ويتصدق بالفضل على ما أنفق فيها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا يتصدق في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى بشيء ) وقد بينا هذا في كتاب الغصب فيما إذا تصرف الغاصب في المغصوب أو تصرف المودع وربح .
( قال ) ( فإن كان أجرها بمال كثير يجب في مثله الزكاة فحال عليها الحول فعليه أن يتصدق بها ولا زكاة عليه ) لأنه قد لزمه التصدق بجميعها قبل حولان الحول فلا يلزمه شيء آخر باعتبار مضي الحول وهذا بخلاف ما تقدم وهو ما إذا نذر أن يتصدق بمائتي درهم عينها فحال عليها الحول تجب فيها الزكاة لأن المال هناك كان ملكا طيبا له وإنما التزم التصدق بها بنذره والالتزام بالنذر يكون في الذمة ولهذا كان له أن يتصدق بغيرها ويمسكها فلهذا لزمته الزكاة فيها وأما هنا إنما لزمه التصدق في عين هذا المال حيث تمكن منه حتى لا يكون له أن يتصدق بغيره ويمسكه فلهذا لا يلزمه شيء آخر .
فإن حال عليه الحول رجع أبو يوسف رحمه الله تعالى عن هذا فقال عليه الزكاة فيها والفضل يتصدق به لأن ملكه فيها كامل فتلزمه الزكاة باعتبار الحول ولكن هذا ضعيف فإن وجوب الزكاة في المال بمعنى التطهير .
قال الله تعالى ! < تطهرهم وتزكيهم بها > ! 103 وهذا لا يحصل بإيجاب الزكاة في هذا المال لأنه لا يزول الخبث بأداء الزكاة ولكن يلزمه التصدق بالفضل فلا معنى لإيجاب الزكاة فيها فقلنا يتصدق بجميعها بعد الحول كما كان يتصدق قبل الحول .
( قال ) ( ولو أن مسلما باع أرضه العشرية بما فيها من زرع لم يدرك من كافر فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يوضع فيها الخراج ) لأن الحب انعقد في ملك المشتري فكأنه هو الذي زرعها بعد الشراء فعليه الخراج .
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى على البائع عشر الزرع ويوضع الخراج على الكافر .
أما قوله على البائع عشر الزرع صحيح على قياس مذهبه فيما إذا باعها من مسلم وأما قوله ويوضع الخراج على الكافر فهو غلط لأن من أصل أبي يوسف رحمه الله تعالى أن الكافر إذا اشترى أرضا عشرية فعليه فيها عشران ولا يوضع الخراج عليه فهنا أيضا على قوله يجب في الفضل عشران على المشتري لأن المشتري لو كان مسلما كان عليه عشر الفضل فإذا كان كافرا كان عليه في الفضل عشران .
( قال ) ( وإن أجرها مسلم من مسلم فلم يزرعها فلا عشر فيها ) لأن محل العشر الخارج ولم يحصل ولو عطلها