لو أفسد الكر بصب الماء فيه ثم اختار المغصوب منه أخذه لم يكن له أن يضمن الغاصب النقصان فهذا مثله بخلاف ما إذا اختار الأخذ فإنا لو أسقطنا عن المشتري حصة ما أتلفه البائع من الثمن لا يؤدي إلى الربا بل يسلم الكر للمشتري بأربعة وستين درهما وذلك صحيح كما لو أبرأه البائع عن خمس الثمن .
ولو كان البائع هو الذي صب فيه الماء أولا ثم المشتري صب فيه الماء فإن المشتري يجبر على قبضه لأنه صار راضيا بالتعييب الحاصل بفعل البائع حين قبضه بالتعييب بعده ويؤدي أربعة وستين درهما لما قلنا وكذلك هذا الحكم في كل مكيل أو موزون .
ولو كان المبيع عرضا أفسده المشتري أولا ثم أفسده البائع فإن شاء المشتري أخذه وسقط عنه من الثمن بحساب ما نقصه البائع .
وإن شاء نقص المبيع وأدى من الثمن بحساب ما نقصه المشتري لأن المبيع ليس بمال الربا فيكون للوصف منه قيمة منفردا لأن الأوصاف بالتناول تصير مقصودة ويقابلها حصة من الثمن سواء تناولها البائع أو المشتري وقد بينا هذا في البيوع .
وإن كان المشتري أفسده بعد البائع لزمه ذلك وسقط عنه من الثمن بحساب ما نقصه البائع لوجود القبض والرضا من المشتري بعد التعييب الذي كان من البائع .
وإذا اشترى المأذون كر تمر جيد بعينه بكر تمر رديء بعينه فصب العبد في الكر الذي اشتراه ماء فأفسده ثم صب البائع فيه ماء فأفسده فهو بالخيار لأن البائع عيبه فصار مستردا له بعد تعييب المشتري ولم يوجد من المشتري الرضا بذلك فيتخير لهذا إن شاء أخذه ودفع الكر وإن شاء نقض البيع ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بنقصان الكر في الوجهين جميعا أما إذا رده فظاهر .
وإن اختار أخذه فلأنه لو اعتبر جناية البائع ها هنا سقط عن المشتري حصته من العوض فيصير بأقل من كر وهو الربا بعينه بخلاف ما تقدم .
ولو كان المشتري صب فيه الماء بعد البائع لزمه الكر بجميع الثمن الذي اشتراه به لأنه صار راضيا به حين عيبه بعد البائع ولا يسقط بتعييب البائع شيء من العوض لأجل الربا وله أن يرده بعيب أن وجده قبل القبض أو بعده بالتعيب الحاصل من المشتري بما صب فيه من الماء .
وإذا اشترى المأذون من رجل عشرة أرطال زيت بدرهم وأمره أن يكيله في قارورة جاء بها فكال البائع الزيت في القارورة فلما كال فيها رطلين انكسرت والبائع والمشتري لا يعلمان فكالا بعد ذلك جميع ما باعه من الزيت فيها فسال ذلك لم يلزم العبد من الثمن إلا عن الرطل الأول لأن القارورة بالانكسار خرجت من أن تكون وعاء فتبين بهذا أنه حين أمره بالصب كانت القارورة صحيحة وعاء صالحا للزيت فيقيد أمره بحال بقائها وعاء لما