فيه أنه ينكر صحة التوكيل لأنه حين كان مقرى قبل التوكيل لا يصلح نائبا في الخصومة في هذه الحالة وقبوله الوكالة إقرار منه بصحتها .
فإذا ادعى بعد ذلك أنها لم تكن صحيحة كان مناقضا وإن صدقه خصمه في أنه أقر قبل الوكالة أخرجه القاضي من الوكالة ولم يقض بذلك الإقرار على الموكل لأن المناقض إذا صدقه خصمه كان قوله مقبولا منه وقد تصادقا على أنه لم يصر وكيلا وإنشاء الإقرار في مجلس القاضي ممن هو وكيل يكون ملزما للموكل .
وإذا تصادقا أنه لم يصر وكيلا لا يقضي القاضي على الموكل بإقراره بشيء وإن كان كلامه إنشاء الإقرار ولو جحد الوكيل الإقرار لم يستحلف عليه لأن الخصم لا يدعي لنفسه بهذا الإقرار شيئا على الوكيل إنما يزعم أنه ليس بخصم له لأنه أقر في غير مجلسه وكيف يستحلفه وهو يزعم أنه ليس بخصم له فإن أقام الخصم البينة على إقراره قبل الوكالة أو بعد ما أخرجه القاضي عن الوكالة لم يجز إقراره على موكله لأنه يثبت إقرار من ليس بوكيل وهو بهذه البينة ثبت أنه ليس بخصم له وإن له المطالبة بإحضار الوكيل للخصومة معه فتقبل بينته عليه فيكون الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة وإنما لا يستحلف على ذلك لأنه لو استحلف كان في معنى النيابة عن الموكل والنيابة لا تجزي في الاستحلاف وتجزي في قبول البينة .
ولو كان المدعي على العبد وكل مولى العبد بخصومته وعلى العبد دين أو لا دين عليه كانت وكالته باطلة لأنها لو صحت نفذ إقراره على موكله في مجلس القاضي وفيه براءة لعبده وقول المولى في ذلك غير مقبول لما فيه من المنفعة أو لأن الوكيل بالخصومة يملك القبض فكان هذا بمنزلة التوكيل بالقبض وقد بينا أن الطالب إذا وكل مولى العبد بقبض دينه من العبد لم يجز التوكيل .
وكذلك لو وكل به غريما من غرمائه لأن المنفعة للغريم فيه أظهر .
ولو كان الوكيل بن الغريم أو مكاتبه أو عبده كان جائزا وإقراره على موكله جائز بمنزلة ما لو أقر موكله بالقبض وهذا لأنه لا منفعة في هذا الإقرار للوكيل فهو كأجنبي آخر في حق الإقرار به بخلاف المولى والغريم بنفسه .
وإذا قبض المولى ما في يد المأذون ولا دين عليه ثم ادعى رجل فيه دعوى فوكل العبد بخصومته وكيلا لم يجز توكيله بذلك لأن المأخوذ خرج من أن يكون كسبا له وصار كسائر أملاك المولى فلا يكون العبد خصما فيه وتوكيله فيما ليس بخصم فيه باطل .
وكذلك لو أخذه بعد ما وكل العبد وكيلا بالخصومة قبل أن يقر الوكيل بما ادعى المدعي ثم أقر له فإقراره باطل لأن العبد خرج من أن يكون خصما فيه قبل إقرار الوكيل وأكثر ما في الباب أن يجعل إقرار