فإن رجع في هبته لم يعد الدين أبدا وهذا قول محمد رحمه الله وعند أبي يوسف رحمه الله يعود الدين برجوعه في الهبة وأصل الخلاف في الدين المعروف على العبد .
ولم يذكر قول أبي يوسف ها هنا إنما ذكره في أول الزيادات .
وجه قول محمد رحمه الله أن الدين بالهبة سقط عن العبد لا إلى بدل فكان كالساقط عنه بالإبراء وبعد الإبراء لا يتصور عود الدين إذا تم السقوط بالقبول وهذا لأن الساقط يكون متلاشيا والعود يتصور في القائم دون المتلاشي بخلاف ما إذا اشترى بالدين شيئا أو صالح على عين فهلك قبل القبض لأن الدين هناك لم يسقط وإنما تحولت المطالبة إلى المشتري وإلى ما وقع عليه الصلح وكذلك الحوالة فإن الدين لا يسقط بها ولكن يتحول إلى ذمة المحتال عليه ثم يعود بالتوي إلى المحيل .
وأبو يوسف رحمه الله يقول بالرجوع في الهبة بفسخ العقد من الأصل وتعود العين إلى قديم ملكه وسقوط الدين كان بحكم الهبة فإذا انفسخ عاد الدين كما إذا سقط الدين بالشراء أو الصلح بخلاف الإبراء فالسبب هناك غير محتمل للفسخ بعد تمامه .
والدليل عليه أن الدين لو كان لصبي فوهبه صاحب الدين منه وقبضه هو أو وصيه سقط الدين ثم إذا رجع الواهب لو قلنا بأنه لا يعود الدين كان فيه إلحاق الضرر بالصبي وإسقاط دينه مجانا وذلك مملوك للصبي فلا بد من القول بعود الدين لدفع الضرر .
وقد روى بن سماعة عن محمد والحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنهم أنه ليس للواهب أن يرجع في الهبة بعد سقوط الدين لأن ذلك في معنى زيادة حادثة في ملك الموهوب له والزيادة المتصلة تمنع الواهب من الرجوع ولكن في ظاهر الرواية هذه زيادة لا تغير صفة العين فتكون كزيادة السعر فلا يمنع الواهب من الرجوع .
( ألا ترى ) أن المشتري إذا أقر على العبد بالدين قبل القبض لم يصر قابضا .
وإن كان الدين عينا والمشتري بالتعيب يصير قابضا ولكن هذا التعييب لما لم يؤثر في العين لم يجعل به قابضا فهذا مثله وقد أملينا في أول شرح الزيادات هذه الفصول بفروعها .
ولو كان الدين على العبد لشريكين وبعضه حال وبعضه مؤجل فوهبه المولى لأحدهما وسلمه إليه فلشريكه أن ينقض الهبة لمكان حقه في المطالبة بالدين الحال كما لو وهبه لأجنبي آخر فإن نقضها بيع العبد فاستوفى الهبة حقه من الثمن وما بقي فهو للمولى ولا شيء للموهوب له على المولى ولا على العبد ولا على الشريك لأن الموهوب له حين قبض العبد بحكم الهبة فقد ملكه .
وإن كان النقض مستحقا لحق الآخر كالمريض إذا وهب عبده وسلمه صار ملكا للموهوب له .
وإذا ملكه