بعد ما رجع إليه على هذا الوجه قبل أن يحل دينهم ثم حل الدين فلا ضمان لهم على المولى لأن البيع حين انفسخ من الأصل صار كأن لم يكن .
ولو مات قبل البيع لم يكن لهم على المولى ضمان إذا حل دينهم وكذلك المولى لو وهبه وسلمه ثم رجع في الهبة بحكم أو بغير حكم فإن المولى يبرأ من القيمة لأن الرجوع في الهبة فسخ من الأصل وأعادة إلى قديم ملكه سواء كان بقضاء أو بغير قضاء عندنا وقد بيناه في الهبة .
فإذا عاد محل حقهم صارت الإزالة كأن لم تكن ولو باعه فمات قبل أن يقبضه المشتري بريء المولى من القيمة لأن بمجرد البيع لا يتقرر السبب الموجب للضمان على المولى وإنما يكون بالتسليم ولو تقرر السبب بالبيع فبالموت قبل التسليم ينتقض البيع من الأصل ويعود إلى ملك المولى مشغولا بحق الغرماء كما كان فهو كما لو انتقض البيع بالرد بخيار الشرط ثم مات .
وإن مات بعد ما قبضه المشتري قبل أن يحل الدين فقد حل عليه بموته لأن الأجل حق العبد وقد استغنى عنه بموته ووجوب الدين كان في ذمته وقد خرجت ذمته من أن تكون محلا صالحا لوجوب الدين فيه فهو وموت الحر سواء وعلى المولى قيمته إلى أجل الدين لأن الأجل كان ثابتا في حق المولى ولم يقع له فيه الاستغناء عنه وهو بمنزلة الكفيل فيما لزمه من القيمة والدين المؤجل إذا حل على الأصيل بموته يبقى الأجل في حق الكفيل .
وكذلك لو أعتقه المولى ثم مات العبد حل عليه ولم يوجد المولى القيمة إلا إلى الأجل في حق المولى لحاجته إلى ذلك وقيام ذمته محلا صالحا لوجوب الحق فيها ولو كان الدين على العبد ألفي درهم ألف حالة وألف إلى أجل فباعه المولى أو وهبه وسلمه فلصاحب الدين الحال أن ينقضه إلا أن يقضي المولى دينه لأن الدين المؤجل في حكم نقض تصرف المولى كالمعدوم وقيام صاحب الدين الحال كاف في نقض تصرف المولى .
فإن قضاه جاز ما صنع المولى من ذلك به لأنه وصل إليه جميع حقه ولا سبيل لصاحب الدين المؤجل على العبد في الحال فينفذ تصرفه فيه فإذا حل الدين الآخر لم يشارك الأقل فيما أخذ من المولى لأن أصل الدين لم يكن مشتركا بينهما والمقبوض من محل لا شركة بينهما فيه وهو ملك المولى ولكنه يتبع المولى بالأقل من دينه ومن جميع قيمته لأن حق الآخر سقط بوصول دينه إليه وكان المولى متطوعا فيما قضاه كأجنبي آخر وصار كأن لم يكن عليه إلا الدين المؤجل فباعه المولى .
( ألا ترى ) أنه لو لم يبعه حتى حل الدين فإن العبد كله يباع للغريم الآخر في دينه إلا أن يفديه المولى فكذلك إذا باعه كان ضامنا بجميع قيمته إلا أن يكون الدين أقل منه ولو لم يقض المولى صاحب الدين الحال حقه