إلى حال لا ينافي التزام المال بالإقرار .
وإن كان يتأخر إلى العتق فكان مدعيا للأجل لا منكرا للمال فإذا كذبه المقر له فيما ادعى من الأجل أخذ بالمال في الحال .
وإن أقاما البينة على ذلك فالبينة بينة المقر له أيضا لأن في بينته إثبات الملك في الحال ولأنه لا منافاة بين البينتين فيجعل كأن الآمرين كانا وكأنه أقر بذلك قبل الحجر وأقر به بعد الحجر أو أقر به بعد الحجر وأقر به في الإذن الآخر أيضا ولو كان ذلك من الصبي والمعتوه لم يلزمهما ذلك بإقرارهما كما لزم العبد بإقراره من غير بينة لأنهما أضافا الإقرار إلى حالة معهودة تنافي صحة إقرارهما أصلا فكانا منكرين للمال بخلاف العبد فهو إضافة الإقرار إلى حالة الحجر وذلك لا ينافي صحة الإقرار في حقه فإن قامت البينة للمقر له على إقرارهما به في حالة الإذن الأول أو في حالة الإذن الآخر أخذا بذلك لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة .
وإذا أذن لعبده في التجارة ثم حجر عليه ثم أذن له وفي يده ألف درهم يعلم أنها كانت في حال الإذن الأول في يده فأقر أنها وديعة لفلان فهو مصدق في قول أبي حنيفة .
وكذلك لو أقر بألف في يده أنه غصبها من فلان في حالة الإذن الأول فهو مصدق في قول أبي حنيفة وقالا لا يصدق العبد على الألف وهي للمولى ويتبع المقر له العبد بما أقر له به في رقبته فيبيعه فيه .
وكذلك لو أقر بها بعد ما لحقه الدين في الإذن الثاني فالألف للمقر له في قول أبي حنيفة رحمه الله .
وعندهما هي للمولى .
وأصل هذه المسألة فيما إذا حجر المولى على عبده المأذون وفي يده مال فلم يأخذ المال من يده حتى أقر العبد بذلك المال بعينه لإنسان أو أقر بدين له على نفسه فإقراره جائز عند أبي حنيفة .
وعندهما إقراره باطل وما في يده للمولى لأن صحة إقراره في حق المولى باعتبار الإذن وقد ارتفع بالحجر فهو كما لو كان محجورا عليه في الأصل فأقر بعين في يده لإنسان أو بدين وهناك إقراره في حق المولى باطل .
يوضحه أن إقراره معتبر كسائر تصرفاته ولو أنشأ تصرفا آخر فيما في يده بعد الحجر لم ينفذ ذلك منه فكذلك إذا أقر به .
يوضحه أن الحجر عليه لما كان منعا له من التجارة فيما في يده كان قائما مقام أخذ المال منه .
ولو أخذ المال منه لم يصح إقراره فيه بعد ذلك فكذلك إذا حجر عليه لأن صحة إقراره لحاجته إليه في التجارة .
ولأبي حنيفة حر فان أحدهما أن إقراره في هذا المال كان صحيحا في حال إذنه وإنما كان يصح باعتبار يده على المال لا باعتبار كونه مأذونا .
( ألا ترى ) أنه لو أخذ المال منه ولم يحجر عليه لم يصح إقراره فيه بعد ذلك لانعدام يده فعرفنا أن صحة إقراره فيه بعد ذلك باعتبار يده ويده باقية بعد الحجر