مال وهب لك ولي نصفه فالقياس أن يكون نصفه له .
ولكنا ندع القياس ونجعله كله للغرماء ولو علم أن المال وهبه رجل للعبد أو تصدق به أو كان من كسب اكتسبه قبل الدين أو من كسب كسبه بعد الدين من غير الذي لحقه من قبله الدين فنصف هذا المال للمولى الذي لم يأذن له ونصفه للغرماء .
أما إذا علم أنه صدقة أو هبة في يده فسلامة نصفه للذي لم يأذن له ما كان بالسبب الذي به وجب الدين على العبد ولا بسبب تمكن منه باعتبار إذن الآذن لأن قبول الهبة والصدقة صحيح منه .
وإن كان محجورا عليه فيكون نصيب الذي لم يأذن من الهبة والصدقة بمنزلة نصيبه من الرقبة فكما لا يصرف نصيبه من الرقبة إلى دينه فكذلك نصيبه من الهبة والصدقة وكذلك ما اكتسبه قبل لحوق الدين أو بعد لحوق الدين من غير السبب الذي لحقه من قبله الدين فنصف هذا الكسب كان سالما للذي لم يأذن له قبل أن يلحقه الدين فلا يتغير ذلك بلحوق الدين إياه أو كان يسلم له لولا ما تقدم من لحوق الدين والذي لم يأذن له ما رضي بلحوق الدين إياه فلا تمتنع سلامة نصيبه له بسبب ذلك الدين وإنما كان ذلك خاصا فيما اكتسبه بالسبب الذي به لحقه الدين فكان ذلك حكما ثابتا بطريق الضرورة لأنه لا يتمكن من أخذ نصيبه من ذلك الكسب إلا باعتبار الرضا باكتسابه ومن ضرورته تعلق الدين بذلك الكسب .
أرأيت لو استقرض العبد من رجل مالا ثم جاء من الغدو في يده ألف درهم فقال هذه الألف الذي استقرضت أكان للذي لم يأذن له أن يأخذ نصفه لا يكون له ذلك ويكون للمقرض أخذ ذلك المال من الذي لم يأذن له .
إذا عرفنا هذا فنقول إذا اختلفا فقال العبد هذا من التجارة وقال الذي لم يأذن له بل هو في يدك هبة أو صدقة ففي القياس القول قول الذي لم يأذن له لأن سبب سلامة نصف هذا المال له ظاهر وهو أنه كسب عبده والعبد يدعي ثبوت حق الغرماء فيه والمولى منكر فكان القول قوله لأنكاره كما لو اكتسب العبد مالا ولحقه دين ثم ادعي العبد أن المولى كان أذن له في التجارة وأنكر المولى ذلك فإنه يكون القول قول المولى .
ولكنه استحسن فجعل المال كله للغرماء لأن الظاهر شاهد للعبد من حيث إنه صار منفك الحجر عنه في اكتساب المال بطريق التجارة فالظاهر أن المال في يده بذلك الطريق حصل ولأن الدين ظهر عليه مع ظهور هذا الكسب في يده ولا يعلم لكل واحد منهما سبب فيجعل باعتبار الظاهر سببا واحدا ثم كسب العبد يسلم للمولى بشرط الفراغ من دينه أو بشرط أن وصوله إلى يده كان بسبب آخر غير السبب