القضاء باعتبار خبره فمنهم من يقول ينبغي أن لا يجب القضاء عندهم جميعا لأن هذا من إخبار الدين والعدالة شرط بالاتفاق وأكثرهم على أنه على الخلاف كما في الحجر والعزل قال رضي الله عنه .
والأصح عندي أنه يلزمه القضاء ها هنا لأن من أخبره فهو رسول رسول الله بالتبليغ قال عليه السلام نضر الله امرأ سمع منا مقالة فوعاها كما سمعها ثم أداها إلى من لم يسمعها وقد بينا في خبر الرسول أنه بمنزلة خبر المرسل ولا يعتبر في الإلزام أن يكون المرسل عدلا فكذلك ها هنا ولا يدخل على هذا رواية الفاسق الإخبار لأن هناك لا يظهر رجحان جانب الصدق في خبره وبذلك يتبين كون المخبر به حقا وها هنا نحن نعلم أن ما أخبره به حق فيثبت حكمه في حق من أخبره الفاسق به حتى يلزم القضاء فيما يتركه بعد ذلك .
وإذا أبق العبد المأذون له في التجارة فإباقه حجر عليه .
وقال زفر رحمه الله لا يصير محجورا عليه بالإباق لأن صحة الإذن باعتبار ملك المولى وقيام رأيه ولم يختل ذلك بإباقه والدليل عليه أن الإباق لا ينافي ابتداء الإذن فإن المحجور عليه إذا أبق فأذن له المولى في التجارة وعلم به العبد كان مأذونا وما لا يمنع ابتداء الإذن لا يمنع بقاءه بطريق الأولى .
ولكنا نقول لما جعل دلالة الإذن كالتصريح به فكذلك دلالة الحجر كالتصريح بالحجر وقد وجدت دلالة الحجر بعد إباقه لأن الظاهر أن المولى إنما يرضى بتصرفه ما بقي تحت طاعته ولا يرضى بتصرفه بعد تمرده وإباقه ولهذا صح ابتداء الإذن بعد الإباق لأنه يسقط اعتبار الدلالة عند التصريح بخلافه .
يوضحه أن حكم الإذن رضا المولى بتعلق الدين بمالية رقبته وقد توت المالية فيه بالاتفاق ولهذا لا يجوز فيه شيء من التصرفات التي تنبني على ملك المالية فكان هذا وزوال ملك المولى عنه في المعنى سواء .
يوضحه أن المولى لو تمكن منه أوجعه عقوبة جزاء على فعله وحجر عليه فإذا لم يتمكن منه جعله الشرع محجورا عليه كالمرتد اللاحق بدار الحرب لو تمكن منه القاضي موته حقيقة بالقتل ويقسم ماله بين ورثته فإذا لم يتمكن من ذلك جعله الشرع كالميت حتى يقسم القاضي ماله بين ورثته .
فإن بايعه رجل بعد الإباق ثم اختلفا فقال المولى كان آبقا وقال من بايعه لم يكن آبقا لم يصدق المولى على إباقه إلا ببينة لأن كونه مأذونا معلوم وسبب الحجر الطارئ عليه متنازع فيه فالقول قول من ينكره .
( ألا ترى ) أن المولى لو ادعى أنه كان حجر عليه أو كان باعه من إنسان قبل مبايعة العبد مع هذا الرجل لا يصدق في ذلك إلا ببينة فكذلك إذا ادعى أنه كان آبقا فإن أقام البينة على ذلك فقد أثبت الحجر العارض بالحجة .
وإن أقام