غارا لهم أو مضرا بهم بعد ذلك ولكن هذا إذا كان بمحضر الأكثر من أهل سوقه فإن كان إنما حضر ذلك من أهل سوقه رجل أو رجلان لم يكن ذلك حجرا حتى يحضر الأكثر من أهل سوقه لأن المقصود ليس عين السوق .
( ألا ترى ) أنه لو أتى به إلى سوقه ليلا وجعل ينادي قد حجرت على هذا لم يكن ذلك معتبرا فعرفنا أن المقصود علم أهل السوق وليس في وسعه إعلام الكل فيقام الأكثر مقام الكل فإذا حضر ذلك الأكثر من أهل سوقه يجعل ذلك كحضور جماعتهم فثبت حكم الحجر في حق من علم به وفي حق من لم يعلم به .
وإن لم يحضر ذلك أكثر أهل السوق جعل كأنه لم يحضر أحد منهم .
( ألا ترى ) أنه لو دعا برجل من أهل سوقه إلى بيته وحجر عليه بمحضر منه لم يكن حجرا ولو دعا إلى منزله جماعة من أهل سوقه فأشهدهم أنه قد حجر عليه كان حجرا وهذا لأن ما يكون بمحضر من الجماعة قل ما يخفى فأما ما يكون بمحضر الواحد والمثنى فقد يخفى على الجماعة وشرط صحة الحجر تشهيره .
فإذا كان عند جماعة من أهل سوقه فقد وجد شرطه ولو خرج العبد إلى بلد للتجارة فأتى المولى أهل سوقه فأشهدهم أنه قد حجر عليه والعبد لا يعلم بذلك لم يكن هذا حجرا عليه لأنه إنما خرج ليعامل غير أهل سوقه فبإعلام أهل السوق لا يتم معنى دفع الضرر والغرور ولأن علم العبد بالحجر شرط لثبوت حكم الحجر في حقه كعلم الوكيل بالغرور وهذا لأن العبد يتضرر لصحة الحجر عليه قبل علمه لأنه يتصرف على أن يقضي ديونه من كسبه ورقبته .
فإذا لحقه دين وأقام المولى البينة أنه قد كان حجر عليه تأخر ديونه إلى عتقه وبعد العتق يلزمه أداؤها من خالص ماله وفيه من الضرر عليه ما لا يخفى .
وكذلك لو كان العبد في المصر ولكنه لم يعلم بالحجر فليس هذا بحجر عليه بل ينفذ تصرفه مع أهل سوقه ومع غيرهم ما لم يعلم بالحجر .
فإذا علم العبد بذلك بعد يوم أو يومين فهو محجور عليه حين علم وما اشترى وباع قبل أن يعلم فهو جائز لأن شرط صحة الحجر علمه به فكل تصرف سبق ما هو شرط الحجر فهو كالتصرف الذي سبق الحجر وكل تصرف كان بعد علمه بالحجر فهو باطل لأن دفع الضرر والغرور قد حصل بعلمه بالحجر .
فإن كان المولى يراه يشتري ويبيع بعد ما حجر عليه قبل أن يعلم به العبد فلم ينهه ثم علم به العبد فباع أو اشترى بعد علمه فالقياس في هذا أن يكون محجورا وأن لا تكون رؤيته إياه يبيع ويشتري إذنا مستقبلا لأنه كان مأذونا على حاله حين رآه يشتري ويبيع والسكوت عن النهي دليل الرضا فإنما يعتبر ذلك في حق من لا يكون مأذونا لرفع الحجر به فأما في حق من هو مأذون فسكوته