إذا أراد أن يحجر عليه جاز ذلك لهذا المعنى .
إذا عرفنا هذا فنقول إقراره بعد إذن الولي له بعين أو دين لغيره صحيح لأنه صار منفك الحجر عنه بالإذن فهو كما لو صار منفك الحجر عنه بالبلوغ وهذا إشكال الخصم علينا فإنه يقول إقرار الولي عليه باطل فكيف يستفيد هو بإذن الولي ما لا يملك الولي مباشرته .
ولكنا نقول الولي إنما لا يملك مباشرته لأنه لا يتحقق ذلك منه فالإقرار قول من المرء على نفسه وما ثبت على الغير فهو شهادة وإقرار الولي على الصبي قول على الغير فيكون شهادة وشهادة الفرد لا يكون حجة .
فأما قوله بعد الإذن إقرار منه على نفسه وهو من صنيع التجار ومما لا تتم التجارة إلا به لأن الناس إذا علموا أن إقراره لا يصح يتحرزون عن معاملته فمن يعامله لا يتمكن من أن يشهد عليه شاهدين في كل تصرف فلهذا جاز إقراره في ظاهر الرواية وكما يجوز إقراره فيما اكتسبه يجوز فيما ورثه عن أبيه .
وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة لا يجوز إقراره فيما ورثه عن أبيه لأن صحة إقراره في كسبه لحاجته إلى ذلك في التجارات وهذه الحاجة تنعدم في الموروث من أبيه .
وجه ظاهر الرواية أن انفكاك الحجر عنه بالإذن في حكم إقراره بمنزلة انفكاك الحجر عنه بالبلوغ بدليل صحة إقراره فيما اكتسبه فكذلك فيما ورثه لأن كل واحد من المالين ملكه وهو فارغ عن حق الغير وهذا لأنه إذا انضم رأي الولي إلى رأيه التحق بالبالغ ولهذا نفذ أبو حنيفة رحمه الله تصرفه بعد الإذن في الغبن الفاحش على ما نبينه في موضعه فكذلك في حكم الإقرار يلتحق بالبالغ ثم صحة الإذن له من وليه ووليه أبوه ثم وصى الأب ثم الجد أب الأب ثم وصيه ثم القاضي أو وصي القاضي فأما الأم أو وصي الأم فلا يصح الإذن منهم له في التجارة لأنه غير ولي له في التصرفات مطلقا بل هو كالأجنبي إلا فيما يرجع إلى حفظه ولهذا لا يملك بيع عقاره والإذن في التجارة ليس من الحفظ فلهذا لا يملكه .
ولو أقر الصبي المأذون بغصب أو استهلاك في حال إذنه أو أضافه إلى ما قبل الإذن جاز إقراره بذلك لأن ضمان الغصب والاستهلاك من جنس ضمان التجارة ولهذا صح إقراره به من العبد المأذون وكان مؤاخذا به في الحال وانفكاك الحجر عنه بالإذن كإنفكاك الحجر عنه بالبلوغ ولو أقر بعد البلوغ أنه فعل شيئا من ذلك في صغره كان مؤاخذا به في الحال فكذلك إذا أقر بعد الإذن ولو كاتب هذا الصبي مملوكه لم يجز لأنه منفك الحجر عنه في التجارة والكتابة ليست من عقود التجارة .
( ألا ترى ) أن العبد المأذون لا يملكها ولا يقال فالأب والوصي يملك الكتابة في عبد الصبي وهذا لأن تصرفهما مقيد بشرط النظر ويتحقق