لأنه جعل اختيار من يعامله مفوضا إلى رأيه .
وفي الاستحسان لا يكون إذنا له في التجارة فإنه في عادة الناس هذا استخدام .
ولو جعلناه إذنا في التجارة يتعذر على المولى استخدام المماليك فإن الاستخدام يكون في حوائج المولى وهذا النوع من العقد من حوائجه .
يوضحه أن المولى لا يقصد التجارة بهذا الشراء إنما يقصد كفاية الوقت من الكسوة والطعام والتجارة ما يقصد به المال والاسترباح وكذلك لو أمره بأن يشتري ثوب كسوة للمولى أو لبعض أهله أو طعاما رزقا لأهله أو للمولى أو للعبد نفسه لا يكون شيء من ذلك إذنا له في التجارة أرأيت لو أمره أن يشتري نقلا بفلسين أكان يصير به مأذونا .
وكذلك لو قال اشتر من فلان ثوبا فاقطعه قميصا أو اشتر من فلان طعاما فكله أو دفع إليه راوية وحمارا وأمره أن يستقي عليه الماء لمولاه ولعياله ولجيرانه بغير ثمن فشيء من هذا لا يكون إذنا له في التجارة لما قلنا .
ولو قال استق على هذا الحمار الماء وبعه كان هذا إذنا له في التجارات كلها لأنه فوض إلى رأيه نوعا من التجارة وقصد به تحصيل المال والربح .
ولو أن طحانا دفع إلى عبده حمارا لينقل عليه طعاما له فيأتيه به ليطحنه لم يكن هذا إذنا منه له في التجارة لأنه استخدمه في نقل الطعام إليه وما أمره بشيء من عقود التجارات ولا باكتساب المال .
( ألا ترى ) أن المضاربة باعتبار هذا العمل لا تصح حتى لو أمره أن ينقل الطعام إليه ليبيعه صاحب الطعام بنفسه على أن الربح بينهما نصفان لا يجوز ولو أمره أن يتقبل الطعام من الناس بأجر وينقله على الحمار كان هذا إذنا له في التجارة لأنه فوض نوعا من التجارة إلى رأيه وأمره باكتساب المال له .
وأما إذا كان الرجل تاجرا وله غلمان يبيعون متاعه بأمره فهذا إذن منه لهم في التجارة لأن سكوته عن النهي عند رؤية تصرف العبد جعل إذنا فتمكينه إياهم من بيع أمتعته في حانوته أو أمره إياهم بذلك أولى أن يجعل إذنا .
ولذلك لو أمرهم أن يبيعوا لغيره متاعه فإنه فوض نوعا من التجارة إلى رأيهم ورضي بالتزامهم العهدة فيما يبيعونه لغيرهم .
( ألا ترى ) أنه لو أمرهم أن يشتروا له متاعا أو يشتروا ذلك لغيره فاشتروه لزمهم الثمن وهم تجار في تلك التجارة وغيرها فكذلك إذا أمرهم بالبيع لأن في الموضعين جميعا قد صار راضيا باستحقاق مالية رقبته بما يلحقه من العهدة في ذلك التصرف .
( ألا ترى ) أنهم إذا باعوا فوجد المشتري بالمبيع عيبا كان له أن يرده عليهم ويطالبهم بالثمن .
ولو رأى عبده يبيع في حانوته متاعه لغيره فلم ينهه كان مأذونا لسكوت المولى عن النهي بعد علمه بتصرفه ولكن لا يجوز ما باع من متاع المولى