يستحق عليه ذلك شرعا لدفع الضرر والغرور فبهذا الدليل رجحنا جانب الرضى في سكوت البكر كما في سكوت الشفيع يرجح جانب الرضى لدفع الضرر عن المشتري .
والدليل عليه أنه بعد ما أذن له في أهل سوقه لو حجر عليه في بيته لم يصح حجة لدفع الضرر والغرور فلما سقط اعتبار حجره نصا لدفع الضرر فلأن يسقط اعتبار احتمال عدم الرضى من سكوته لدفع الضرر عن الناس كان أولى .
ولئن منع الشافعي هذا فالكلام في المسألة يبنى على الكلام في تلك المسألة فإن الكلام فيها أوضح على ما نبينه وهذا بخلاف الوكيل لأنه لا ضرر على من يعامل الوكيل إذا لم يجعل سكوت الموكل رضي فإن تصرف الوكيل نافذ على نفسه ومن يعامله لا يطالب الموكل بشيء وإنما يطالب الوكيل سواء كان تصرفه لنفسه أو لغيره وقوله هذا التصرف بسكوت المولى لا ينفذ قلنا لأن في هذا التصرف إزالة ملك المولى عما يبيعه وفي إزالة ملكه ضرر متحقق للحال فلا يثبت بسكوته وليس في ثبوت الإذن ضرر على المولى متحقق في الحال فقد يلحقه الدين وقد لا يلحقه .
ولو لم يثبت الإذن به تضرر الناس الذين يعاملون العبد .
يوضحه أن في ذلك التصرف العبد نائب عن المولى بدليل أنه إذا لحقه عهدة يرجع بها عليه فيكون بمنزلة الوكيل في ذلك وقد بينا أن الوكالة لا تثبت بالسكوت وأما في سائر التصرفات فهو متصرف لنفسه كما قررنا والحاجة إلى إذن المولى لأجل الرضا تصرف مالية رقبته إلى الدين فيثبت ذلك بمجرد سكوته لخلوه عن الضرر في الحال بخلاف ما إذا أتلف إنسان ماله وهو ساكت لأن الضرر هناك يتحقق في الحال وسكوته لا يكون دليل التزام الضرر حقيقة ولأنه لا حاجة إلى تعيين جانب الرضا هناك لدفع الضرر والغرور عن المتلف وهو ملتزم الضرر بإقدامه على إتلاف المال بخلاف ما نحن فيه على ما قررناه .
ولو قال لعبده أد إلي الغلة كل شهر خمسة دراهم فهذا إذن منه له في التجارة لأنه استئداء المال مع علمه أنه لا يتمكن من ذلك إلا بالاكتساب يكون أمرا له بالاكتساب ضرورة وقد علمنا أنه لم يطلب منه الاكتساب بالتكدي فعرفنا أن مراده الاكتساب بالتجارة ودليل الرضا في الحكم كصريح الرضا .
وكذلك لو قال إذا أديت إلي ألفا فأنت حر لأنه حثه على أداء المال بما أوجب له بإزاء المال من العتق عند الأداء ولا يتمكن من الأداء إلا بالاكتساب وقد علمنا أنه لم يرد أداء الألف إليه من مال المولى لأن ذلك غير مفيد في حق المولى وإنما المفيد في حقه أداء الألف إليه من كسب يكتسبه بعد هذه المقالة .
وكذلك لو قال أد إلي ألفا وأنت حر فإنه لا يعتق ما لم يؤد