قال هدية فجعل يأكل ويقول لأصحابه كلوا فقال سلمان هذه أخرى ثم تحول خلفه فعرف رسول الله مراده فألقى الرداء عن كتفيه حتى نظر سلمان رضي الله عنه إلى خاتم النبوة بين كتفيه فأسلم وفيه دليل أن للعبد المأذون أن يهدى فقد قبل رسول الله هديته ولأجل هذا أورد هذا الحديث وذكر عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال بنيت بأهلي وأنا عبد فدعوت رهطا من أصحاب رسول الله فيهم أبو ذر فحضرت الصلاة فتقدم أبو ذر فقالوا له أتتقدم وأنت في بيته فقدموني وصليت بهم وفيه دليل أن للعبد المأذون أن يتخذ الدعوة في العرس كما يتخذ الدعوة للمجاهدين إذا أتوه بتجارة فإن الصحابة رضي الله عنهم أجابوا دعوته وأبو ذر مع زهده أجاب دعوته وهو عبد وفيه دليل أنه لا ينبغي للمرء أن يؤم غيره في بيته إلا بإذنه فإنهم أنكروا على أبي ذر التقدم عليه في بيته وبيانه في قوله لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه وفيه دليل جواز الاقتداء بالعبد وأنه متى كان فقيها ورعا فلا بأس بإمامته .
( ألا ترى ) أن أبا ذر رضي الله عنه مع زهده قدمه واقتدى به لفقهه وورعه .
وإذا قال الرجل لعبده قد أذنت لك في التجارة فهو مأذون له في التجارات كلها لا طلاق الإذن من المولى فلا حاجة في تصحيح الإذن إلى التنصيص على أنواع التجارة لأنه فك للحجر كالكتابة ولأن المقصود به المولى عادة أن يحصل العبد الربح بكسبه واعتبار إذنه شرعا ليتحقق به الرضا من المولى لتعلق الدين الواجب بالتجارة بمالية رقبته وهذا لا يختلف باختلاف أنواع التجارات واشتراط مالا يفيد لا يجوز بخلاف التوكيل فالمقصود هناك قيام الوكيل مقام الموكل في تحصيل مقصوده في العين التي يشتريها ولا يقدر الوكيل على تحصيل ذلك بمطلق التوكيل قبل التنصيص على جنس ما يشتريه له .
ثم للعبد أن يشتري ما بداله من أنواع التجارات لأنه صار منفك الحجر عنه وتم رضا المولى بتعلق الدين بمالية رقبته وهو في أصل الالتزام متصرف في ذمته هو حقه من تعامله وإنما نوجب الملك له في محل مملوك له فيكون صحيحا وله أن يستأجر الإجراء لأن الاستئجار من أنواع التجارات ولأن المأذون يحتاج إليه فإنه يعجز عن إقامة بعض الأعمال بنفسه وربما لا يجد من يعينه على ذلك حسبة فيحتاج إلى الاستئجار الإجراء لإقامة الأعمال التي بها يتم مقصوده .
وله أن يؤاجر نفسه فيما بداله من الأعمال عندنا .
وفي أحد قولي الشافعي رضي الله عنه ليس له أن يؤاجر نفسه وله أن يؤاجر