بالحبس يمنع نفوذ البيع والإقرار والهبة والعقود التي تحتمل الفسخ فكذلك الإكراه بقتل ابنه وكذلك التهديد بقتل ذي رحم محرم لأن القرابة المتأيدة بالمحرمية بمنزلة الولاد في حكم الأحياء بدليل أنها توجب العتق عند الدخول في ملكه .
ولو قيل له لنحبسن أباك في السجن أو لتبيعن هذا الرجل عبدك بألف درهم ففعل ففي القياس البيع جائز لما بينا أن هذا ليس بإكراه فإنه لم يهدد بشيء في نفسه وحبس ابنه في السجن لا يلحق ضررا به والتهديد به لا يمنع صحة بيعه وإقراره وهبته وكذلك في حق كل ذي رحم محرم .
وفي الاستحسان ذلك إكراه كله ولا ينفذ شيء من هذه التصرفات لأن حبس ابنه يلحق به من الحزن ما يلحق به حبس نفسه أو أكثر فالولد إذا كان بارا يسعى في تخليص أبيه من السجن وإن كان يعلم أنه يحبس وربما يدخل السجن مختارا ويحبس مكان أبيه .
ليخرج أبوه فكما أن التهديد بالحبس في حقه بعدم تمام الرضا فكذلك التهديد بحبس أبيه والله أعلم .
$ باب الإكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه $ ( قال رحمه الله ) ( وإذا أكره الرجل بوعيد تلف على أن يكفر يمينا قد حنث فيها فكفر بعتق أو صدقة أو كسوة أجزأه ذلك ولم يرجع على المكره بشيء ) لأنه أمره بإسقاط ما هو واجب عليه شرعا وذلك من باب الحسبة فلا يكون موجبا للضمان على المكره وكأنه يعوضه ما جبره عليه من التكفير بسقوط التبعة عنه في الآخرة وأما الجواز عن الكفارة فلأن الفعل في التكفير مقصور عليه لما لم يرجع على المكره بشيء ومجرد الخوف لا يمنع جواز التكفير .
( ألا ترى ) أن كل مكفر يقدم على التكفير خوفا من العذاب ولا يمنع ذلك جوازه .
ولو أكرهه على أن يعتق عبده هذا عنها ففعل لم يجزه لأن المستحق عليه شرعا الكفالة لا إبطال الملك في هذا العبد بعينه فالمكره في إكراهه على إعتاق هذا العبد بعينه ظالم فيصير فعله في الإتلاف منسوبا إلى المكره ويجب عليه ضمان قيمته وإذا لزمه قيمته لم يجز عن الكفارة لانعدام التكفير في حق المكره حين صار منسوبا إلى غيره ولأن هذا في معنى عتق بعوض والكفارة لا تتأتى بمثله .
ولو كان أكرهه بالحبس أجزأه عن الكفارة لأن الفعل منسوب إليه دون المكره ولم يستوجب الضمان على المكره بهذا الإكراه فتتأدى به الكفارة لاقتران النية بفعل الإعتاق .
ولو أكرهه بوعيد تلف على الصدقة في الكفارة ففعل ذلك نظر فيما