مال أحدهما لأن الإكراه قد تناولهما لاستوائهما في بقاء الحرمة والتقوم في حق كل واحد منهما كحق المالك وإن أبيح له الإقدام على الأخذ لدفع الهلاك عن نفسه وأحب إلينا أن يأخذ مال أغناهما عن ذلك لأن أخذ المال من صاحبه يلحق الهم والحزن به وذلك يتفاوت بتفاوت حال المأخوذ منه في الغنى فالأخذ من الفقير يلحق به هما عظيما لأنه لا يرجع إلى ملكه مثله بخلاف الأخذ من الغنى في مباسطة الشرع مع الأغنياء في المال الكثير منه مع الفقراء يعني به الزكاة وصدقة الفطر وضمان العتق والنفقة فلهذا يستحب له أن يأخذ مال أغناهما .
فإن كانا في الغنى عنه سواء .
قلنا خذ أقلهما لأن الضرورة تتحقق في الأقل وفي القليل من المال من التساهل بين الناس ما ليس في الكثير .
وقيل إن استويا في المقدار .
قلنا خذ مال أحسنهما خلقا وأظهرهما جودا وسماحة لأن الهم والحزن بالأخذ منه يتفاوت بحسن خلقه وسوء خلقه وبخله وجوده فإن أخذه واستهلكه كما أمره غرمه الذي أكرهه لأن الإكراه لما تناوله صار الإتلاف منسوبا إلى المكره .
وإن أخذ أكثرهما فاستهلكه غرم المكره مقدار أقلهما لأن الإتلاف إنما يصير منسوبا إلى المكره فيما تحقق الإلجاء فيه وهو الأقل ثم يغرم المستهلك الفضل لصاحب المال لأنه في الزيادة على الأقل لا ضرورة له في الاستهلاك فيقتصر حكم الاستهلاك عليه .
ولو أكرهه على أن يقتل عبد هذا الرجل عمدا أو يأخذ مال هذا الآخر أو مال صاحب العبد فيطرحه في مهلكة أو يعطيه إنسانا فلا بأس أن يعمل في المال ما أمره به لتحقق الضرورة فيه وغرمه بالغا ما بلغ على المكره لأن الإتلاف صار منسوبا إليه .
وإن قتل العبد فعلى القاتل القود لأن الإكراه لم يتناول القتل هنا إذ لا مساواة بين حرمة القتل وحرمة استهلاك المال وإذا تمكن من دفع البلاء عن نفسه بغير القتل كان هو في الإقدام على القتل طائعا فعليه القود وعلى المكره الأدب والحبس لارتكابه ما لا يحل .
ولو كان إنما أمره أن يستهلك المال ويضرب العبد مائة سوط فلا بأس باستهلاك المال وضمانه على المكره ولا يحل له ضرب العبد لأن مثل هذا الضرب يخاف منه الهلاك فيكون بمنزلة القتل فإن ضربه فمات منه كانت قيمته على عاقلة الضارب ولا ضمان على المكره لأنه طائع في الإقدام على الضرب حتى يتمكن من التخليص بدونه على وجه لا يلحقه إثم ولا ضمان والقتل بالسوط يكون سببه العمد فيوجب القيمة على عاقلة الضارب .
ولو كان العبد والمال للمكره لم يسعه ضرب عبده ولكنه يستهلك ماله ويرجع به على المكره .
فإن ضرب عبده فمات لم يكن على المكره ضمان لأن المكره