وإن لم يكن جناية معنى لطمأنينة القلب بالإيمان والإخبار لا يكون جناية صورة ولا معنى فعليه أن ينوي ذلك إذا خطر بباله ولكن لا يظهره للناس .
فإن أظهر هذا المراد للناس بانت منه امرأته في الحكم وإن لم تبن فيما بينه وبين الله تعالى لأنه أقر أنه أتى بغير ما أكره عليه فقد أكره على الإنشاء وإنما أتى بالإقرار فكان طائعا في هذا الإقرار ومن أقر بالكفر طائعا بانت منه امرأته في الحكم وفيما بينه وبين ربه لا تبين منه .
والثاني أن يقول خطر على بالي ذلك ثم قلت قد كفرت بالله أريد به ما طلب مني المكره ولم أرد به الخبر عن الماضي فهذا كافر تبين منه امرأته في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى لأنه بعد ما خطر هذا بباله قد يمكن من الخروج عما ابتلى به بأن ينوي غير ذلك والضرورة تنعدم بهذا التمكن فإذا لم يفعل وأنشأ الكفر كان بمنزلة من أجرى كلمة الشرك طائعا على قصد الاستحقاق .
أو لا على قصده ولكن مع علمه أنه كفر وفي هذا تبين منه امرأته في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى فينبغي أن يتوب عن ذلك .
والثالث أن يقول لم يخطر ببالي شيء ولكني كفرت بالله كفرا مستقبلا وقلبي مطمئن بالإيمان فلا تبين منه امرأته استحسانا لأنه لما لم يخطر بباله سوى ما أكره عليه .
كانت الضرورة متحققة ومتى تحققت الضرورة يرخص له إجراء كلمة الشرك مع طمأنينة القلب بالإيمان .
وكذلك لو أكره على أن يصلي لهذا الصليب ومعناه يسجد لهذا الصليب فإن لم يخطر بباله شيء لم تبن امرأته منه وإن خطر بباله أن يصلي لله وهو مستقبل القبلة أو غير مستقبل القبلة ينبغي أن يقصد ذلك لأن الصلاة غير مستقبل القبلة تجوز عند الضرورة والأعمال بالنيات .
فإن ترك هذا بعد ما خطر بباله فصلى يريد الصلاة للصليب كما أكره عليه كفر بالله تعالى وبانت منه امرأته لأنه بعد ما خطر بباله قد وجد المخرج عما ابتلى به فإذا لم يفعل كان كافرا .
وهذه المسألة تدل على أن السجود لغير الله تعالى على وجه التعظيم كفر .
وكذلك لو أكره على شتم محمد عليه الصلاة والسلام فإن أجابهم إلى ذلك ولم يخطر بباله شيء لم تبن منه امرأته وإن خطر على باله رجل من النصارى .
يقال له محمد فإن شتم محمدا ويريد به ذلك الرجل فلا تبين منه امرأته وقد أظرف في هذه العبارة حيث لم يقل خطر بباله رجل من المسلمين يقال له محمد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما قال رجل من النصارى لأن الشتم في حق النصارى أهون منه في حق المسلمين .
فإن ترك ما خطر بباله وشتم محمدا صلى الله عليه وسلم وقلبه كاره لذلك كان كافرا وتبين منه امرأته لأنه بعد ما خطر