.
وكذلك عند أبي يوسف رحمه الله لأنه لا يرى القود على المكره إذا أكره على القتل بالسيف فبالحجارة أولى فإن عند محمد رحمه الله في القياس يجب القصاص على القاضي لأنه يوجب القود على المكره والقتل بالحجر عنده كالقتل بالسيف في حكم القصاص وهذا قتل بغير حق فكان موجبا للقصاص عليه ولكنه استحسن فجعل عليه الدية في ماله للشبهة التي دخلت من حيث إن السبب المبيح لدمه موجود وهو الزنى فإن عند ظهور إحصانه إنما يرجم لزناه لا لإحصانه فيصير هذا السبب شبهة في إسقاط القود عن القاضي ولأن بعض الرجم قائم مقام إقامة الحد المستحق عليه .
( ألا ترى ) أنه بعد ما رجمه القاضي بعض الرجم لو بدا له في ذلك لم يكن له أن يقيم عليه الحد فيصير ذلك شبهة في إسقاط القود عن القاضي وتلزمه الدية في ماله لأن المال ثبت مع الشبهات .
ولو أكره على أن يجعل كل مملوك يملكه فيما يستقبل حرا ففعل ثم ملك مملوكا بوجه من الوجوه عتق ولا ضمان على المكره فيه لأن العتق إنما حصل باعتبار صنع من جهته وهو مختار فيه وهو قبول الشراء والهبة أو الصدقة أو الوصية وذلك منه دليل الرضا بالعتق فيكون مانعا من وجوب الضمان على المكره وإن ورث مملوكا فالقياس فيه أن لا يضمن المكره شيئا لأنه أكرهه على اليمين واليمين تصرف لا يحصل الإتلاف به .
( ألا ترى ) أن العتق لا يحصل إلا بعد انحلال اليمين بوجود الشرط فلم يكن الإكراه على اليمين أو تعلق العتق بالملك إكراها على ما يحصل به التلف بعينه .
ولكنه استحسن فقال المكره ضامن قيمة المملوك الذي ورثه لأن الميراث يدخل في ملكه شاء أو أبى بغير اختيار ولا يرتد برده وعند وجود الشرط إنما ينزل العتق بتكلمه بكلام العتق وقد كان مكرها على ذلك فإذا لم يوجد منه ما يدل على الرضا بعد ذلك كان المكره ضامنا .
( ألا ترى ) أنه لو أكرهه على أن يقول كل مملوك أرثه فهو حر فقال ذلك ثم ورث مملوكا يعتق ويصح أن يقال لا يضمن المكره هنا لأن بذلك الإكراه قصد إتلاف هذا الملك عليه ولا بد من إيجاب الضمان عليه فكذلك فيما سبق .
ولو أكرهه في هذا كله بحبس لم يضمن المكره شيئا لأن الإتلاف لا يصير منسوبا إلى المكره بهذا النوع من الإكراه ولو أكرهه على أن قال لعبده إن شئت فأنت حر فشاء العبد عتق وغرم المكره قيمته لأنه عند مشيئته عتق بقوله أنت حر وقد كان مكرها على ذلك القول ولم يوجد منه بعد ذلك ما يدل على الرضا به وكذلك لو أكرهه على أن قال له إن دخلت الدار فأنت حر ثم دخلها العبد لأنه لم يوجد من المولى ما يدل على الرضا بذلك العتق