كما في عروض التجارة وهذا لأن المعتبر صفة المالية وصفة الغنى للمالك وذلك إنما يحصل باعتبار القيمة وإنما لا تعتبر قيمة النقد عند الانفراد فأما عند مقابلة أحدهما بالآخر فتعتبر القيمة ألا ترى أن من كسر على إنسان قلب فضة جيدة فإنه يجب عليه قيمته من الذهب فلما كان في حقوق العباد تعتبر القيمة عند مقابلة أحدهما بالآخر فكذلك في حق الله تعالى تعتبر القيمة عند ضم أحدهما إلى الآخر .
إذا عرفنا هذا فنقول رجل له ثمانية دنانير ثمنها مائة درهم ومائة درهم حال عليهما الحول فعليه الزكاة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن نصابه بلغ مائتي درهم باعتبار القيمة .
وفي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا زكاة عليه لأن نصابه ناقص باعتبار الأجزاء فإنه يملك نصف نصاب من الفضة وخمسي نصاب من الذهب فإذا جمعت بينهما كانت أربعة أخماس نصاب ونصف خمس .
وقد روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أيضا أنه إذا كانت له خمسة وتسعون درهما ودينار قيمته خمسة دراهم فإنه يلزمه الزكاة باعتبار أن كل دينار ثمن خمسة دراهم فثمن خمسة وتسعين درهما تسعة عشر دينارا فإن ضمها إلى الدينار يكون عشرين دينارا وبهذه الرواية يتبين أن على أصله يقوم الذهب تارة بالفضة والفضة تارة بالذهب وذلك لأجل الاحتياط وتوفير المنفعة على الفقراء .
( قال ) ( وإن كان له مائة وخمسون درهما وخمسة دنانير ثمنها خمسون درهما فعليه الزكاة بالاتفاق ) لأن النصاب كامل من حيث القيمة ومن حيث الأجزاء فإنه يملك ثلاثة أرباع نصاب الفضة وربع نصاب الذهب وكذلك إن كانت له خمسة عشر دينارا وخمسون درهما ثمنها خمسة دنانير أو كانت له عشرة دنانير ومائة درهم ثمنها عشرة دنانير فعليه الزكاة بالاتفاق لكمال النصاب سواء اعتبرت الضم بالأجزاء أو بالقيمة .
ولم يبين في الكتاب أنه من أي الجنسين تؤدى الزكاة والصحيح أنه يؤدى من كل واحد منهما ربع عشره لأن الواجب فيهما ربع العشر بالنص قال في الرقة ربع العشر وقال عمر رضي الله عنه هاتوا عشور أموالكم وفي أداء ربع العشر من كل نوع مراعاة النظر لصاحب المال والفقراء ألا ترى أن بعد تمام الحول لو هلك أحد النوعين لم يكن عليه أن يؤدي من النوع الآخر إلا ربع عشره فكذلك في حال بقاء النوعين .
( قال ) ( ولو أن رجلا له ألف درهم حال عليها الحول ثم أضاف إليها ألفا أخرى ثم خلطهما ثم ضاعت منهما ألف درهم فعليه أن يزكي خمسمائة إذا لم يعرف الذي ضاع من