وأوجبت القصاص على القاضي في ما يستطاع فيه القصاص لأنه إذا كان معروفا بالصلاح فالذي يسبق إليه أوهام الناس أنه بريء الساحة مما رمي به وإنما أقر على نفسه كاذبا بسبب الإكراه .
ونظير هذا ما قيل فيمن دخل على إنسان بيته شاهرا سيفه مادا رمحه فقتله صاحب البيت ثم اختصم أولياؤه مع صاحب البيت فقال أولياؤه كان هاربا من اللصوص ملتجئا إليك وقال صاحب البيت بل كان لصا قصد قتلي فإن كان المقتول رجلا معروفا بالصلاح فالقول قول الأولياء .
ويجب القصاص على صاحب البيت وإن كان متهما بالدعارة ففي القياس كذلك .
وفي الاستحسان القول قول صاحب البيت ولا قصاص ولكن عليه الدية في ماله وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة لا شيء عليه لأن الظاهر شاهد عليه أنه كان دخل عليه مكابرا وأنه قد أهدر دمه عليه بذلك .
ولكن في ظاهر الرواية يقول مجرد الظاهر لا يسقط حرمة النفوس المحترمة ولا يجوز إهدار الدماء المحقونة ولكن يصير الظاهر شبهة في إسقاط القود عنه فيجب عليه الدية في ماله صيانة لدم المقتول عن الهدر فكذلك ما سبق والله أعلم .
$ باب تعدي العامل $ ( قال رحمه الله ) ( وإذا بعث الخليفة عاملا على كورة فقال لرجل لتقتلن هذا الرجل عمدا بالسيف أو لأقتلنك فقتله المأمور فالقود على الآمر المكره في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ولا قود على المكره ) وقال زفر رحمه الله القود على المكره دون المكره .
وقال الشافعي رحمه الله يجب القود على المكره قولا واحدا وله في إيجاب القود على المكره قولان .
وقال أهل المدينة رحمهم الله عليهما القود وزادوا على هذا فأوجبوا القود على الممسك حتى إذا أمسك رجلا فقتله عدوه قالوا يجب القود على الممسك .
وقال أبو يوسف أستحسن أن لا يجب القود على واحد منهما ولكن تجب الدية على المكره في ماله في ثلاث سنين .
أما زفر رحمه الله فاستدل بقوله تعالى ! < ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا > ! الإسراء 33 والمراد سلطان استيفاء القود من القاتل والقاتل هو المكره حقيقة .
والمعنى فيه أن من قتل من يكافئه لإحياء نفسه يعتمد بحق مضمون فيلزمه القود كما لو أصابته مخمصة فقتل إنسانا وأكل من لحمه .
والدليل على أن القاتل هو المكره أن القتل فعل محسوس وهو يتحقق من المكره والطائع بصفة واحدة فيعرف به أنه قاتل حقيقة ومن حيث الحكم أنه يأثم إثم القتل وإثم القتل على من