91 ) وكان هذا إشارة إلى الإثم الذي بينه الله تعالى في الآية الأولى بقوله عز وجل ! < وإثمهما أكبر من نفعهما > ! البقرة 219 وفي قوله ! < فهل أنتم منتهون > ! المائدة 91 أبلغ ما يكون من الأمر بالاجتناب عنه وقال تعالى قل ! < إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم > ! الأعراف 33 والإثم من أسماء الخمر قال القائل شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم يذهب بالعقول وقيل هذا إشارة إلى قوله ! < وإثمهما أكبر من نفعهما > ! البقرة 219 والسنة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعن الله في الخمر عشرا الحديث وذلك دليل نهاية التحريم وقال عليه الصلاة والسلام شارب الخمر كعابد الوثن وقال عليه الصلاة والسلام الخمر أم الخبائث وقال عليه الصلاة والسلام إذا وضع الرجل قدحا في خمر على يده لعنته ملائكة السماوات والأرض فإن شربها لم تقبل صلاته أربعين ليلة وإن داوم عليها فهو كعابد الوثن .
وكان جعفر الطيار رحمه الله يتحرز عن هذا في الجاهلية والإسلام ويقول العاقل يتكلف ليزيد في عقله فأنا لا أكتسب شيئا يزيل عقلي والأمة أجمعت على تحريمها وكفى بالإجماع حجة هذه حرمة قوية باتة حتى يكفر مستحلها ويفسق شاربها ويجب الحد بشرب القليل والكثير منها وهي نجسة نجاسة غليظة لا يعفى عن أكثر من قدر الدرهم منها .
ولا يجوز بيعها بين المسلمين لقوله عليه الصلاة والسلام إن الذي حرم شربها حرم بيعها وأكل ثمنها .
وبعض المعتزلة يفصلون بين القليل والكثير منها في حكم الحرمة ويقولون المحرم ما هو سبب لوقوع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة وذلك الكثير دون القليل وعند أهل السنة والجماعة القليل منها والكثير في الحرمة وجميع ما ذكرنا من الأحكام سواء لقوله عليه الصلاة والسلام حرمت الخمر لعينها قليلها وكثيرها والمسكر من كل شراب ثم في تناول القليل منها معنى العداوة والصد عن ذكر الله تعالى فالقليل يدعو إلى الكثير على ما قيل ما من طعام وشراب إلا ولذته في الابتداء تزيد على اللذة في الانتهاء إلا الخمر فإن اللذة لشاربها تزداد بالاستكثار منها ولهذا يزداد حرصه على شربها إذا أصاب منها شيئا فكان القليل منها داعيا إلى الكثير منها فيكون محرما كالكثير .
( ألا ترى ) أن الربا لما حرم شرعا حرم دواعيه أيضا وإن المشي على قصد المعصية معصية وأما السكر فهو النيء من ماء التمر المشتد وهو حرام عندنا وقال شريك بن عبد الله هو حلال لقوله تعالى ! < ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا > ! النحل 67