ملكه وهو نظير ما لو أوقد النار في أرضه فوقع الحريق بسبب ذلك فإنه لا يكون ضامنا لكونه متصرفا في خالص ملكه وكذلك لو نزت أرض جاره من هذا الماء ولو اجتمع في هذا الماء سمك فصاده رجل كان للصياد لقوله عليه الصلاة والسلام الصيد لمن أخذه وهو نظير ما لو اصطاد من أرض رجل ظبيا فإنه يكون له دون صاحب الأرض وإن كان لصاحب الأرض أن يمنعه من الدخول في أرضه وإذا كانت لرجل أرض فيها مراعي فأجر مراعيها أو باعها كل سنة بشيء مسمى ترعى فيها غنم مسماة فإن ذلك لا يجوز لأن المقصود هو الكلأ وهو على أصل شركة الإباحة لا اختصاص لصاحب المرعى به ثم هذا استئجار المقصود به استهلاك العين وشراء ما هو مجهول لا يعرف فيكون باطلا كبيع الشرب وإجارته ولو أخذ صاحب الأرض شيئا من هذا فأحرزه ثم باعه كان جائزا بمنزلة الماء الذي أحرزه في الأواني وهذا لأن ملكه بالإحراز فيه قد تم وهو متقوم لكونه منتفعا به ولو كان زرع رجل قصيلا في أرضه ثم أجره من رجل يرعى فيه غنمه كان باطلا لأن المقصود بهذا الاستئجار استهلاك العين ولأنه إنما يستحق بالإجارة ما لا يجوز بيعه والقصيل عين يجوز بيعه فلا يستحق بالإجارة على المستأجر قيمة ما رعت غنمه من ذلك لأنه صار مستوفيا مستهلكا له بحكم عقد فاسد وهذا بخلاف الكلأ في المرعى فقد نبت ذاك من غير إنبات أحد فكان على أصل الإباحة المشتري والبائع في الانتفاع به سواء وهذا مما استنبته صاحب الأرض فيكون مملوكا له حتى لو باعه جاز بيعه وإنما لم تجز إجارته لما قلنا ولمعنى الغرر فيه فإذا أتلف ملكا متقوما لغيره بسبب عقد فاسد كان مضمونا عليه بقيمته ولو استأجر مرعى لعبد بعينه فرعاه في تلك السنة لم يضمن ما رعى ويأخذ عبده لأن العقد كان فاسدا فيسترد عبده بحكم العقد الفاسد فإن كان المؤاجر قد أعتقه أو باعه جاز ذلك ويضمن قيمته لأنه ملكه بالقبض بحكم عقد فاسد فينفذ عتقه فيه وهذا لأن البيع محل للملك فينفذ العقد مقيدا بحكمه وهو نظير ما إذا اشترى عبدا بشرب بخلاف العبد بالربح فهناك وإن قبض المشتري لا يملكه ولا ينفذ عتقه فيه بمنزلة البيع بالميتة والدم لأن الربح لا يتقوم بالعبد بحال ولا يدخل في العقد أصلا فبتسميته يخرج السبب من أن يكون تمليك مال بمال فأما الشرب والكلأ فمما يجوز أن يستحق بالعقد تبعا للأرض وهو منتفع به شرعا .
( ألا ترى ) أنه يتصور فيه الإحراز الموجب للملك وبعد الإحراز يكون مالا متقوما فقبل الإحراز ينعقد العقد بتسميته على