وقد بينا هذا في كتاب الشفعة ولو اختصم البائع والمشتري في ذلك قبل أن يستحصد الزرع وتكمل السنة وأراد أحدهما نقض البيع وقد أبى المزارع أن يجيز البيع فالأمر في نقض البيع إلى المشتري لأن البائع عاجز عن التسليم إليه لما أبى المزارع الإجازة وفيه ضرر على المشتري فيكون له أن يفسخ البيع إلا أن يسلم له البائع ما باعه وإن كان البائع هو الذي أراد نقض البيع فليس له ذلك لأن البيع نافذ من جهته لمصادفته ملكه ولا ضرر عليه في إبقائه فليس له أن ينقضه وهكذا في المرهون إذا أبى المرتهن أن يسلم فإن أراد المشتري فسخ العقد فله ذلك وإن أراد البائع ذلك ليس له ذلك إذا أبى المشتري ولم يذكر أن المزارع أو المرتهن إذا أراد نقض البيع هل له ذلك أم لا والصحيح أنه ليس له ذلك لأنه لا ضرر عليه في بقاء العقد بينهما إنما الضرر عليه في الإخراج من يده وله أن يستديم اليد إلى أن تنتهي المدة وذلك لا ينافي بقاء العقد فلهذا لا يكون لواحد منهما فسخ العقد فإن لم يرد واحد منهما نقض البيع وحضر الشفيع فأراد أخذ ذلك بالشفعة فله ذلك لأن وجوب الشفعة يعتمد لزوم العقد وتمامه من جهة البائع وقد وجد ذلك ثم يكون هو بمنزلة المشتري إن سلم له المبيع وإلا نقضه فإن قال البائع والمشتري لا يسلم لك البيع حتى يسلم للمشتري لم يكن لهما ذلك لأن حق الشفيع سابق على ملك المشتري شرعا ولكن الأمر فيه إلى الشفيع وهو بمنزلة المشتري في جميع ذلك حين قدمه الشرع عليه بعد ما طلب الشفعة وإن علم الشفيع بهذا الشراء فلم يطلبه بطلت شفعته وإن سلم الشراء بعد ذلك للمشتري فأراد الشفيع أن يطلب الشفعة فليس له ذلك لأن سبب وجوب حقه قد تقرر فتركه الطلب بعد تقرر السبب يبطل شفعته وإن لم يكن متمكنا من أخذه وإن طلب الشفعة حين علم فقال له البائع هات الثمن وخذها بالشفعة وإلا فلا شفعة لك فإن سلم البائع الأرض للشفيع فعليه أن يعطيه الثمن وإن لم يسلم الأرض فللشفيع أن يمنع الثمن حتى يعطيه الأرض لأنه قام مقام المشتري في ذلك ولا حق للبائع في استيفاء الثمن ما لم يتمكن من تسليم المعقود عليه ولا يبطل ذلك شفعته لأنه قد طلبها حين علم وكذلك لو كان البذر من رب الأرض وكذلك هذا في معاملة النخيل في جميع ما ذكرنا والله أعلم .
$ باب موت المزارع ولا يدري ما صنع في الزرع $ واختلافهما في البذر والشرط ( قال رحمه الله ) وإذا مات المزارع بعد ما استحصد الزرع ولم يوجد في الأرض زرع