من ربى النخيل عامل في نخيل نفسه إذ لا عقد بينه وبين العامل ولكن العامل أجر الآخر بنصف نصيبه ليعمل له وذلك جائز ولو اشترطوا أن يعملا جميعا مع العامل على أن الخارج بينهم أثلاث فهو فاسد لأن كل واحد منهما استأجر العامل ببعض نصيبه وشرط عمله معه فهذه معاملة لا يوجد فيها التخلية بين النخيل وبين العامل ولو كانا شرطا العمل على العامل وحده في سنة بعد هذه السنة أو بعد ثلاث سنين فهو جائز لأن المعاملة بمنزلة الإجارة وإضافة الإجارة إلى وقت معلوم في المستقبل جائز وعطف العقد الجائز على العقد الفاسد لا يفسد المعطوف لأنهما لا يجتمعان في وقت واحد وكذلك المزارعة على هذا من أيهما كان البذر لأن في المزارعة استئجار الأرض واستئجار العامل إن كان البذر من رب الأرض .
وإذا دفع الرجلان إلى الرجلين نخلا لهما معاملة هذه السنة على أن يقوما عليه فما خرج فللعاملين نصفه لواحد منهما بعينه ثلثا ذلك النصف وللآخر ثلثه والباقي بين صاحبي النخل نصفان فهو جائز على ما اشترطوا لأنهما استأجرا كل واحد منهما بجزء معلوم من نصيبهما وفاوتا بين العاملين في مقدار الأجر وذلك لا يمنع جواز العقد لأنهما يستحقانه بعملهما وقد يتفاوتان في العمل من حيث الحذاقة أو الكثرة ولو اشترطوا أن النصف بين العاملين نصفان وما بقي من صاحبي النخل ثلثه لأحدهما بعينه وثلثاه للآخر فالمعاملة فاسدة لأنه لم يبق لكل واحد منهما بعد ما اشترطا للعاملين إلا ربع الخارج فاشتراط أحدهما الزيادة على ذلك لنفسه من نصيب صاحبه طمع في غير مطمع إذ هو اشتراط أجرة بعض أجره عملها له على شريكه وذلك مفسد لعقد المعاملة ولو اشترطوا أن النصف للعاملين من نصيب أحدهما بعينه ثلثا ذلك النصف ومن نصيب الآخر ثلثه والباقي بين صاحبي النخيل ثلثاه للذي شرط الثلث وثلثه للذي شرط الثلثين فهو جائز على ما اشترطوا لأن كل واحد منهما استأجر العاملين للعمل في نصيبه بجزء معلوم من نصيبه وما شرط لنفسه إلا مقدار الباقي من نصيبه بعد ما شرط للعاملين وهذا ثابت بدون الشرط فلا يزيده الشرط إلا وكادة ولو اشترطوا أن النصف الباقي بين صاحبي النخل ثلثاه للذي شرط الثلثين وثلثه للذي شرط الثلث كانت المعاملة فاسدة لأن أحدهما شرط لنفسه زيادة على الباقي من نصيبه وذلك منه طمع في غير مطمع وهو بالشرط الثاني كأنه جعل بعض ما استوجبه للعاملين أجرة مشروطة على صاحبه ولو اشترطوا ثلث الخارج لأحد العاملين بعينه وثلثاه لصاحبي النخل وللعامل الآخر أجر مائة درهم على صاحبي النخل جاز لأنهما استأجرا أحد العاملين بثلث الخارج