في قول أبي حنيفة رحمه الله وقد صار ذلك دينا في ذمته وللآخر دين له على المستأجر فإن توى دينه على المستأجر فإن سرق طعام المستأجر لا يسقط عن المؤاجر العشر الذي صار دينا عليه ولو استحصد الزرع فلم يحصد حتى هلك فالأجر واجب لأن وجوب الأجر بالتمكن من استيفاء المعقود عليه وقد تمكن المستأجر من ذلك وقد استوفاه حقيقة ولا عشر على واحد منهما لأن وجوب العشر عند الحصاد قال الله تعالى ! < وآتوا حقه يوم حصاده > ! وإنما يصير دينا في ذمة الآجر بعد وجوبه فإذا هلك الخارج قبل الحصاد لم يكن عليه شيء بخلاف ما إذا هلك بعد الحصاد لأن العشر قد تقرر وجوبه هنا وصار دينا في ذمة الآجر وكذلك في المزارعة إذا هلك الزرع بعد ما استحصد قبل أن يحصد فلا عشر على واحد منهما في القولين جميعا سواء كان البذر من قبل رب الأرض أو من قبل المزارع لأن المحل فات قبل أن يأتي وقت وجوب العشر فهو بمنزلة ما لو استهلك النصاب قبل تمام الحول والهلاك هنا في حق المؤاجر بمنزلة الاستهلاك في مال الزكاة حتى إذا استهلك بعد تمام الحول فالزكاة دين عليه فإذا هلك هنا بعد الحصاد يكون العشر دينا عليه وكذلك الجواب في معاملة النخيل والكروم وهو مثل الجواب في المزارعة أنه إذا هلك قبل الجذاذ فلا عشر على رب النخيل وإن هلك بعد الجذاذ فعشر نصيب العامل دين عليه في قول أبي حنيفة فإن الجذاذ في الثمار بمنزلة الحصاد في الزرع وإن استهلكه رجل فليس على رب النخيل في حصته شيء من العشر إلا أن يستوفي بدله من المستهلك فحينئذ يؤدي عشره لأن المحل فات وأخلف بدلا وإن استوفى منه بعض البدل يؤدي العشر بقدر ذلك اعتبارا للجزء بالكل ولو صالح الإمام قوما من أهل الحرب على أن صاروا ذمة له ووضع على رؤوسهم شيئا معلوما وجعل خراج أراضيهم ونخيلهم وأشجارهم المناصفة فذلك جائز لأنه نصب ناظرا للمسلمين وربما يكون خراج المقاسمة أنفع للفريقين من خراج الوظيفة فإذا دفع رجل أرضا مزارعة والبذر منه أو من العامل أو أجرها بدراهم أو أعارها رجلا ليزرعها لنفسه أو دفع الأشجار معاملة كان الجواب في جميع ذلك على نحو ما بينا في العشر لأن الخراج هنا جزء من الخارج لا يجب إلا بعد حصول الخارج حقيقة فيكون بمنزلة العشر في التخريج على القولين كما بينا بخلاف خراج الوظيفة فإنه يجب بالتمكن من الانتفاع وإن لم يزرع كان على رب الأرض في الوجوه كلها وإذا دفع أرضا من أرض العشر وبذرا إلى رجل على أن يزرعها سنته هذه على أن للمزارع