يأبى إلا أن يزرع فيها أضر الأشياء بالأرض وكذلك في جهالة جنس البذر جهالة جنس الأجر لأن الأجر جزء من الخارج وذلك لا يصير معلوما إلا بتسمية جنس البذر ولكنا نستحسن أن نجيز العقد ونجعل له أن يزرعها ما بدا له من غلة الشتاء والصيف من الحنطة والرطبة والسمسم والشعير ونحو ذلك أما لأن بطريق العرف يحصل تعيين جنس البذر بتعيين الأرض فإن أهل الصنعة يعلمون كل أرض صالحة لزراعة شيء معلوم فيها أو لأنه لا تجري المنازعة بين رب الأرض والمزارع فيها لما لكل واحد منهما من الحظ في ذلك أو لأن المزارع مستأجر للأرض ومنفعة الأرض معلومة بتعين الأرض والضرر في أنواع ما يزرعها فيها يتفاوت فلا يفسد العقد كما لو استأجر دارا للسكنى ولم يبين من يسكنها وليس له أن يغرس فيها كرما ولا شجرا لأنه قال في العقد ازرعها لنفسك وعمل الغرس غير عمل الزراعة والتفاوت بينهما في الضرر على الأرض فاحش فلا يستفيد أعظم الضررين عند التصريح بأدناهما كما لو استأجر حانوتا ليسكنها لم يكن له أن يقعد فيها قصارا ولا حدادا ولو كان دفعها إليه على أن يزرعها سنته هذه لصاحب الأرض بالنصف فهو جائز والبذر من رب الأرض لأنه إنما يكون زارعا لصاحب الأرض إذا كان هو أجيرا له في العمل ولرب الأرض أن يستعمل الزارع في زراعة ما بدا له فيها من غلة الشتاء والصيف استحسانا وكان القياس أن لا يجوز حتى يبين ما يزرع أو يشترط التعميم فيقول على أن يزرع لي ما بدا لي من غلة الشتاء والصيف لأن العمل يتفاضل في ذلك والعمل في بعض أنواع الزرع يكون أشد على العامل من بعض فأما أن يبين جنس البذر ليصير مقدار العمل به معلوما أو يصرح باشتراط الخيار لنفسه في ذلك ولكن في الاستحسان لا يشترط هذا لما قلنا ولو دفعها إليه على أن يزرعها سنته هذه ما بدا للمزارع من غلة الشتاء والصيف فهو جائز والبذر من قبل العامل لأن تفويض الأمر إلى رأيه على العموم دليل أن يكون عاملا لنفسه في الزراعة ولو قال ما بدا لرب الأرض كان البذر من رب الأرض لأن التنصيص على كون الرأي فيه إليه دليل على أن المزارع عامل له وذلك إذا كان البذر من قبل رب الأرض وكذلك لو قال رب الأرض تزرعها ما أحببت أنا أو ما شئت أنا أو ما أردت أنا فهذا كله دليل على أن البذر من قبل رب الأرض ولو قال ما شئت أنت أو ما أحببت أنت أو ما أردت أنت فهو دليل على أن البذر من العامل والعقد جائز في الفصلين استحسانا وفي القياس لا يجوز حتى يبينا من البذر من قبله أيهما هو لأن مع اشتراط