عمله دراهم وإن شرط ذلك عليه فكذلك لا يستوجب جزأ من نصيبه من الخارج بل يكون هو متبرعا في العمل .
فإن قيل لماذا لم يجعل هذا من المزارع بمنزلة الحط لبعض نصيبه فقد شرط لنفسه نصف الخارج في العقد الأول ثم حط ثلثه بالعقد الثاني قلنا لأن عقد الإجارة تمليك منفعة بعوض فلا يمكن أن يجعل هذا كناية عن الحط كما لا يجعل بيع المبيع من البائع قبل القبض هبة ثم هذا الحط ليس بمطلق بل هو بمقابلة العمل وكما لا يستحق بمقابلة عمله في أرضه وبذره عوضا على الغير فكذلك لا يستحق حط شيء مما استحقه الغير عليه ولو كان استأجر على العمل أجراء كان أجر الأجراء على المزارع لأن العمل مستحق عليه فإنما استأجرهم لإيفاء ما هو مستحق عليه فيكون الأجر لهم بمقابلة دين في ذمته ولو كان استأجر على ذلك عبد رب الأرض بدراهم معلومة ولا دين عليه فالإجارة باطلة لأن كسب العبد الذي لا دين عليه لمولاه فكما لا يستحق المولى باعتبار عمله أجرا على المزارع وإن شرط ذلك عليه فكذلك لا يستحقه بعمل عبده وإن شرط ذلك عليه وإن كان على العبد دين فالإجارة جائزة والأجر واجب لأن كسب العبد المديون لغرمائه فاستئجار العبدعلى العمل في هذه الحالة كاستئجار بعض غرمائه وإن استأجر مكاتب رب الأرض أو ابنه جاز لأن المولى من كسب مكاتبه وابنه أبعد منه من كسب عبده المديون وكذلك لو كان البذر من قبل المزارع في جميع هذه الوجوه فهما في المعنى مستويان لأن رب الأرض إنما يعمل في الأرض وهو في عمله في أرضه لا يستوجب الأجر على غيره والمعاملة في جميع ذلك قياس المزارعة ولو دفع إليه أرضا وبذرا يزرعها سنته هذه بالنصف فلما تراضيا على ذلك أخذ صاحب الأرض البذر فبذره بغير أمر المزارع فأخرجت زرعا كثيرا فذلك كله لرب الأرض وقد بطلت المزارعة لأن عقد المزارعة لا يتعلق به اللزوم من قبل صاحب البذر قبل إلقاء البذر في الأرض فينفرد صاحب الأرض بفسخ العقد وقد صار فاسخا حين أخذه بغير أمر المزارع وزرعه لأنه لا يمكن أن يجعل معينا له لأنه استعان به وليس لأحد أن يعين غيره بغير رضاه فكان فاسخا للعقد بخلاف الأول فإن هناك يمكن أن يجعل معينا له لأنه استعان به فلا يجعل فاسخا للعقد لأنه امتنع من العمل حتى استعان به فعرفنا أن قصده إعانته لا فسخه العقد بينهما ولو كان البذر من قبل المزارع والمسألة بحالها كان الزرع لرب الأرض لأنه غاصب للبذر حين أخذه بغير أمر المزارع فالعقد لم يكن لازما في جانب المزارع