رضي الله عنه يسأله عن عنبر وجد على الساحل فكتب إليه في جوابه أنه مال الله يؤتيه من يشاء وفيه الخمس ولأن نفيس ما يوجد في البحر معتبر بنفيس ما يوجد في البر وهو الذهب والفضة فيجب فيه الخمس .
وأبو حنيفة ومحمد استدلا بما روي عن بن عباس رضي الله عنه أنه قال في العنبر إنه شيء دسره البحر فلا شيء فيه وحديث عمر محمول على الجيش دخلوا أرض الحرب فيصيبون العنبر في الساحل وعندنا في هذا الخمس لأنه غنيمة ثم وجوب الخمس فيما يوجد في الركاز لمعنى لا يوجد ذلك المعنى في الموجود في البحر وهو أنه كان في يد أهل الحرب وقع في يد المسلمين بإيجاف الخيل والركاب وما في البحر ليس في يد أحد قط لأن قهر الماء يمنع قهر غيره ولهذا قال مشايخنا لو وجد الذهب والفضة في قعر البحر لم يجب فيهما شيء ثم الناس تكلموا في اللؤلؤ فقيل إن مطر الربيع يقع في الصدف فيصير لؤلؤا فعلى هذا أصله من الماء وليس في الماء شيء وقيل إن الصدف حيوان تخلق فيه اللؤلؤ وليس في الحيوان شيء وهو نظير ظبي المسك يوجد في البر فإنه لا شيء فيه وكذلك العنبر فقيل إنه نبت ينبت في البحر بمنزلة الحشيش في البر وقيل إنه شجرة تتكسر فيصيبها الموج فيلقيها على الساحل وليس في الأشجار شيء وقيل إنه خثى دابة في البحر وليس في أخثاء الدواب شيء .
( قال ) ( وليس في الياقوت والزمرد والفيروزج يوجد في المعدن أو الجبل شيء ) لأنه جامد لا يذوب بالذوب ولا ينطبع بالطبع كالتراب وليس في التراب شيء فكذلك ما يكون في معناه لا يكون فيه شيء ولأنه حجر وليس في الحجر صدقة وإن كان بعض الحجر اضوأ من بعض وأما الزئبق إذا أصيب في معدنه ففيه الخمس في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله لا شيء فيه وحكي عن أبي يوسف أن أبا حنيفة كان يقول لا شيء فيه وكنت أقول فيه الخمس فلم أزل به أناظره وأقول إنه كالرصاص حتى قال فيه الخمس ثم رأيت أن لا شيء فيه فصار الحاصل أن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في قوله الآخر وهو قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد فيه الخمس وعند أبي يوسف في قوله الآخر وهو قول أبي حنيفة الأول لا شيء فيه قال لأنه ينبع من عينه ولا ينطبع بنفسه فهو كالقير والنفط وجه قول من أوجب الخمس أنه يستخرج بالعلاج من عينه وينطبع مع غيره فكان كالفضة فإنها لا تنطبع ما لم يخلطها شيء ثم يجب فيهاالخمس فهذا مثله .
( قال ) ( وإذا وجد الرجل الركاز من الذهب والفضة والجواهر مما يعرف أنه قديم فاستخرجه من أرض الفلاة ففيه