المزارعة في الابتداء فلا يجوز أن يقلع زرعه قبل الاستحصاد والنفقة عليهما نصفان لأن الزرع بينهما نصفان واستحقاق العمل على العامل كان في المدة خاصة وعلى المزارع أجر مثل نصف الأرض لأنه يستوفي منفعة نصف الأرض لتربية حصته فيها إلى وقت الإدراك فإن أنفق أحدهما بغير أمر صاحبه ولا أمر قاض فهو متطوع في النفقة لأن كل واحد منهما غير مجبر على الإنفاق فكان المنفق منهما متطوعا كالدار المشتركة بينهما إذا اشتريت فأنفق أحدهما في مرمتها بغير أمر صاحبه كان متطوعا في ذلك ولو دفع إليه أرضا وبذرا على أن يزرعها سنته هذه على أن الخارج بينهما نصفان فزرعها ولم يستحصد حتى هرب العامل فأنفق صاحب الأرض بأمر القاضي على الزرع حتى استحصد ثم قدم المزارع فلا سبيل له على الزرع حتى يوفي صاحب الأرض جميع نفقته أولا لقول القاضي لا نأمره بالإنفاق حتى يقيم البينة عنده على ما يقول لأنه يدعي ثبوت ولاية النظر للقاضي في الأمر بالإنفاق على هذا الزرع ولا يعرف القاضي بينته فيكلفه إقامة البينة عليه ويقبل هذه البينة منه ليكشف الحال بغير خصم أو يكون القاضي فيه خصمه كما يكون في الإنفاق على الوديعة واللقطة فإذا أقام البينة كان أمر القاضي إياه بالإنفاق كأمر المودع ولو كان حاضرا فيكون له أن يرجع عليه بجميع ما أنفق بخلاف ما سبق فرجوعه هناك بقدر حصته من الزرع لأن العمل والإنفاق هناك غير مستحق على العامل وأمر القاضي إنما ينفذ على الغائب باعتبار النظر له وذلك في مقدار حصته من الزرع لا في إيجاب الزيادة دينا في ذمته وهنا العمل مستحق على المزارع لو كان حاضرا أجبره القاضي عليه فيعتبر أمره في إثبات حق الرجوع عليه بجميع النفقة ولا سبيل له على الزرع حتى يوفيه نفقته لأن نصيبه من الزرع إنما هو بالإنفاق فيكون محبوسا بما أنفق كالآبق يحبس بالجعل ولأنه استفاد نصيبه من جهة رب الأرض بهذه النفقة فيكون بمنزلة المبيع محبوسا عنه بالثمن فإن اختلفا في النفقة فالقول قول المزارع مع يمينه كما لو كان هو الذي أمره بالإنفاق وهذا لأن رب الأرض يدعي عليه زيادة فيما استوجبه دينا في ذمته وهو منكر لذلك وإنما يحلف على العلم لأنه استحلاف على فعل باشره غيره وهو الإنفاق الذي كان من صاحب الأرض ولو لم يهرب ولكن انقضت مدة المزارعة قبل أن يستحصد الزرع والمزارع غائب فإن القاضي يقول لصاحب الأرض أنفق عليه إن شئت فإذا استحصد لم يصل العامل إلى الزرع حتى يعطيك نفقتك فإن أبى أن يعطيك نفقتك أبيع حصته عليه من الزرع وأعطيك