يحمله ما عرضوا من الرشوة على الميل إليهم وقال أما الذي عرضتم من الرشوة فإنها سحت يعني تناول السحت من معامليكم دون المسلمين وقد وصفهم الله بذلك بقوله ! < سماعون للكذب أكالون للسحت > ! والسحت هو الحرام الذي يكون سببا للاستئصال مأخوذ من السحت قال الله تعالى ! < فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى > ! أي يستأصلنكم فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض يعني ما يقوله حق وعدل وبالعدل قامت السماوات والأرض وكان شيخنا الإمام رحمه الله يقول في هذا الحديث إشارة إلى أن أمتعة النساء وحليهن لم تزل عرضة لحوائج الرجال فإن اليهود لحاجتهم إلى ذلك تحكموا على نسائهم فجمعوا من حلى نسائهم وحكي أن رجلا من أهل العلم كانت له امرأة ذات يسار فسألها شيئا من مالها لحاجته إلى ذلك فأبت فقال لا تكوني أكفر من نساء خيبر كن يواسين أزواجهن بحليهن وأنت تأبي ذلك وعن بن سيرين رحمه الله قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بن رواحة رضي الله عنه إلى خيبر فقال بعثني إليكم من هو أحب إلي من نفسي ولأنتم علي أهون من الخنازير ولا يمنعني ذلك من أن أقول الحق هكذا ينبغي لكل مسلم أن يكون في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأهله وولده وماله لأنه به نال العز في الدنيا والنجاة في الآخرة قال الله تعالى ! < وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها > ! يعني بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه وينبغي أن يكون اليهود عند كل مسلم بهذه الصفة والمنزلة أيضا فهم شر من الخنازير فيما أظهروا من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حسدا وتعنتا فكأنه قال ذلك لأنه قد مسخ منهم قردة وخنازير كما قال الله تعالى ! < وجعل منهم القردة والخنازير > ! وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر بني قريظة فسمع من بعض سفهائهم شتيمة فقال عليه الصلاة والسلام أتشتموني يا أخوة القردة والخنازير فقالوا ما كنت فحاشا يا أبا القاسم قال وذلك لا يمنعني من أن أقول الحق فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض أي بالحق ومخالفة الهوى والميل بها ثم قال قد خرصت عليكم نخيلكم ففيه دليل أن النخيل كانت مملوكة لهم وأن ما كان يؤخذ منهم بطريق خراج المقاسمة فإن شئتم فخذوه ولي عندكم الشطر وإن شئتم أخذته ولكم عندي الشطر