باعتبار صفة المالية فيها وهذا بخلاف الإبريق فإنه ما وجب ضمه إلى شيء آخر حتى تعتبر فيه القيمة وهذا لأن القيمة في الذهب والفضة إنما تظهر شرعا عند مقابلة أحدهما بالآخر فإن الجودة والصنعة لا قيمة لها إذا قوبلت بجنسها لقوله جيدها ورديئها سواء فأما عند مقابلة أحدهما بالآخر فيظهر للجودة قيمة .
ألا ترى أنه متى وقعت الحاجة إلى تقويم الذهب والفضة في حقوق العباد يقوم بخلاف جنسه فكذا في حقوق الله تعالى وجميع ما ذكرنا في نصاب الذهب والفضة المعتبر فيهما الوزن دون العدد لأن في النص ذكر الدرهم والدينار وهو يشتمل على ما لا يعلم إلا بالوزن من الدوانيق والحبات والمعتبر في الدنانير وزن المثقال وفي الدراهم وزن سبعة وهو أن يكون كل عشرة منها بوزن سبعة مثاقيل وهو الوزن المعروف في الدراهم في غالب البلدان وأصله وهو أنه كان في الجاهلية نوعان من الدراهم .
يقال لهما مثاقيل وخفاف فلما أرادوا في الإسلام ضرب الدراهم جمعوا أحدهما إلى الآخر وجعلوه درهمين فكان وزن سبعة ولم يبين في الكتاب صفة الدراهم وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أن الزكاة تجب في الجياد من الدراهم والزيوف والمبهرجة والمكحلة والمزيفة قال لأن الغالب في كلها الفضة وما يغلب فضته على غشه يتناوله اسم الدراهم مطلقا أما في الستوقة وهو ما يغلب غشه على فضته نظر إلى ما يخلص منه من الفضة فإن بلغ وزنه مائتي درهم تجب فيها الزكاة وإلا فلا ومراده إذا لم تكن للتجارة فإن كانت تلك الدراهم للتجارة فالعبرة بقيمتها كما في عروض التجارة وقد ذكر في روايته في الفلوس والدراهم المضروبة من الصفر إذا كان لا يخلص منها فضة فإن لم تكن للتجارة فلا شيء فيها وإن كانت للتجارة فإن بلغت قيمتها مائتي درهم مما يغلب فيها الفضة ففيها الزكاة وكان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري رحمه الله تعالى يفتي بوجوب الزكاة في المائتين من الدراهم الغطريفية عددا وكان يقول هي من أعز النقود فينا بمنزلة الفضة فيهم ونحن أعرف بنقودنا وهو اختيار شيخنا الإمام الحلواني رحمه الله تعالى وهو الصحيح عندي .
( قال ) ( رجل له على رجل ألف درهم قرض أو ثمن متاع كان للتجارة فحال الحول ووجبت الزكاة عليه لا يلزمه الأداء قبل القبض عندنا ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى يلزمه الأداء لأن صيرورة المال دينا كان بتصرفه واختياره وذلك غير معتبر في تأخير حق الفقراء فإنه كما لا يملك إبطال حقهم لا يملك التأخير ولأن هذا مال مملوك كالعين .
( ولنا ) أن