على المرهون بخلاف الأول فالعقد هناك صفقة واحدة وكل واحد منهما محبوس بالدين الذي به الآخر محبوس ( ألا ترى ) أنه لو أدى خمسمائة لم يكن له أن يسترد واحدا منهما مثل الدين الذي فيه إن جناية أحدهما على الآخر هل تعتبر فظاهر المذهب أن ذلك معتبر لتفرق العقد من الوجه الذي قررنا .
وروى بن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله لا تعتبر جناية أحدهما على الآخر إذا كان جنس الدين واحدا لأن العبدين لمالك واحد ولا فائدة في اعتبار الجناية في حق المرتهن فإن لم تعتبر الجناية سقطت الألف التي في المقتول لفواته لا إلى خلف وإن اعتبرت سقطت الألف التي في القاتل لما أقيم مقام المقتول بالدفع بالجناية ولا فائدة للمرتهن بكون الساقط من دينه هذا الألف دون تلك الألف فلهذا لا تعتبر أصلا فأما إذا كان في قيمة كل واحد منهما فضل على الدين فاعتبار الجناية مفيد في حق المرتهن لأن الفداء في حصة الأمانة على الراهن إذا عرفنا هذا فنقول إن اختار الدفع قام القاتل مقام المقتول وخلا مكان القاتل فيصير هو في معنى الهالك يسقط ما فيه من الدين ويتحول إليه ما كان في المقتول فإن اختار الفداء فالفداء بقيمة المقتول ونصف القاتل مضمون فحصة ذلك من الفداء على المرتهن ونصفه أمانة وحصة ذلك من الفداء على الراهن فيغرم كل واحد منهما خمسمائة ثم هذه القيمة قائمة مقام المقتول فيكون بما كان رهنا في المقتول وقد فرغ القاتل من الجناية فيبقى رهنا على حاله ولو كان فقأ أحدهما عين الآخر قيل لهما ادفعاه أو افدياه بأرش على الآخر لما قلنا فإن دفعاه فقد خلا مكان الجاني فيبطل ما فيه من الدين وهو خمسمائة وإن فدياه كان الفداء عليهما نصفين وكان الجاني رهنا على حاله لأنه فرغ من الجناية وكان الفداء رهنا مع المفقوءة عينه بالدين الذي كان فيه لأن نصفه فات إلى خلف فيبقى الدين الذي فيه تبعا للخلف فإن قال المرتهن لا أبقي الجناية وادع الرهن على حاله فله ذلك لأن اعتبار هذه الجناية لحق المرتهن فإن العبدين كل واحد منهما ملك الراهن فإذا لم يطلب المرتهن حقه لم تعتبر الجناية ويجعل كان العين ذهبت من غير صنع أحد فيسقط نصف ما كان في المفقوءة عينه من الدين والباقي رهن على حاله بما كان فيه من الدين وإن طلب المرتهن الجناية فقال الراهن أنا أفديه وقال المرتهن لا أفدي ولكني أختار الدفع فللراهن أن يفدي بأرش الجناية كلها لأن جناية المملوك تثبت الخيار للمالك بين الدفع والفداء فلا يمكن المرتهن إبطال هذا الخيار على المالك وليس في اختيار الراهن الفداء ضرر على المرتهن فإذا فداه بأرش