وقال النبي صلى الله عليه وسلم الرهن بما فيه ذهبت الرهان بما فيها أي بما فيها من الديون ولا حجة لهم في قوله صلى الله عليه وسلم لا يغلق الرهن فإن أحدا من أهل اللغة لا يفهم منه هذا اللفظ بقي الضمان على المرتهن وذكر الكرخي أن أهل العلم من السلف رحمهم الله كطاوس وإبراهيم وغيرهما اتفقوا أن المراد لا يحبس الرهن عند المرتهن احتباسا لا يمكن فكاكه بأن يصير مملوكا للمرتهن واستدلوا عليه بقول القائل وفارقتك برهن لا فكاك له يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا يعني احتبس قلب المحب عند الحبيب على وجه لا يمكن فكاكه وليس فيه ضمان ولا هلاك والدليل عليه ما روي عن الزهري قال كانوا في الجاهلية يرتهنون ويشترطون على الراهن إن لم يقض الدين إلى وقت كذا فالرهن مملوك للمرتهن فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله لا يغلق الرهن وسئل سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن معنى هذا اللفظ فقيل أهو قول الرجل إن لم يأت بالدين إلى وقت كذا فالرهن بيع لي في الدين فقال نعم وقوله صلى الله عليه وسلم الرهن من راهنه الذي رهنه يؤكد هذا المعنى أي هو على ملك راهنه الذي رهنه لا يزول ملكه بهذا الشرط وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم له غنمه وعليه غرمه يعني في حال إبقائه هو مردود عليه لا يتملك غيره عليه أو أن يبيع بالدين فزاد الثمن على الدين فالزيادة له وإن انتقص فالنقصان عليه وبه نقول والمعنى في المسألة أن الرهن مقبوض للاستيفاء والمقبوض على وجه الشيء لا يكون كالمقبوض على حقيقته في حكم الضمان ( ألا ترى ) أن المقبوض على سوم البيع يجعل كالمقبوض على جهة الاستيفاء وبيان الوصف أن عقد الرهن يختص بما يمكن استيفاء الدين منه وهو المال المتقوم الذي يقبل البيع في الدين ويختص بحق يمكن استيفاؤه من الرهن وهو الدين حتى لا يجوز الرهن بالأعيان ولا بالعقوبات من القصاص والحدود وتحقيق ما ذكرنا أن موجب العقد ثبوت يد الاستيفاء وهذه اليد