ما قد تم به فينبغي أن لا تقبل بينته ولا يحلف خصمه كالبائع إذا زعم أنه كان باع العين من فلان قبل أن يبيعه من هذا المشتري بخلاف الخلع فإن هناك هي مناقضة في الدعوى أيضا ولكن البينة على الإطلاق مقبولة من غير الدعوى والجواب أن يقول هو غير مناقض في دعواه لأن قبوله الصلح لا يكون إقرارا منه بوجوب شيء عليه ولكنه يدعي خلاف ما يشهد له الظاهر لأن العقود في الظاهر محمولة على الصحة فلا يقبل قوله في ذلك إلا بالبينة وعند عدم البينة القول قول خصمه مع اليمين لكون الظاهر حجة وشاهدا له وإن كانت الوديعة قائمة بعينها وهي مائة درهم فصالحه منها على مائة درهم بعد إقرار أو إنكار لم يجز إذا قامت البينة على الوديعة لأنها عين في يد المودع فيكون الصلح عنها معاوضة ومعاوضة المائة بالمائتين باطل ولا يمكن تصحيحه بطريق الإبراء والإسقاط لأن العين لا تحتمل ذلك وإن لم تقم بينة وكان المودع منكرا فالصلح جائز عند دعوى الدين عند إنكار المودع وعجز المدعي عن الدار وإنه بمنزلة البيع فلهذا صح العقد بدون الإضافة إلى الموكل ثم المقصود من الصلح قطع المنازعة وقطع المنازعة واجب ما أمكن باعتبار معنى البيع وإذا صح الصلح غير مضاف إلى الموكل انقطعت المنازعة بينهما فوجب المصير إلى ذلك استحسانا والله أعلم بالصواب .
$ باب الحكمين $ ( قال رحمه الله ) الأصل في جواز التحكيم قوله تعالى ! < فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما > ! والصحابة رضي الله عنهم كانوا مجمعين على جواز التحكيم ولهذا بدأ الباب بحديث الشعبي رحمه الله قال كان بين عمر وأبي بن كعب رضي الله عنهما مدارأة بينهما في شيء فحكما بينهما زيد بن ثابت رضي الله عنه فأتياه فخرج زيد بن ثابت إليهما وقال لعمر رضي الله عنه ألا تبعث إلي فآتيك يا أمير المؤمنين فقال عمر رضي الله عنه في بيته يؤتي الحكم فأذن لهما فدخلا وألقي لعمر وسادة فقال عمر رضي الله عنه هذا أول جورك وكانت اليمين على عمر رضي الله عنه فقال زيد لأبي رضي الله عنه لو أعفيت أمير المؤمنين من اليمين فقال عمر يمين لزمتني فلا حلف فقال أبي رضي الله عنه بل يعفي أمير المؤمنين ويصدقه والمراد بالمدارأة الخصومة واللجاج قال الله تعالى ! < فادارأتم فيها > ! وقال صلى الله عليه وسلم في حديث ثابت بن شريك رضي الله عنهما لا يدارى ولا يمارى أي لا يلاحي ولا