بدين فأقر لهما بدين لم يجز الإقرار في حق كل واحد منهما لأن الإقرار إخبار منه عن واجب سابق ولم يصح في حق من أكره على الإقرار له فلو صححناه في حق الآخر فقبض نصيبه كان للآخر أن يشاركه في المقبوض ولو قلنا لا يشاركه كان هذا إلزام شيء سوى ما أقر به لأن هذا إقرار بدين مشترك بينهما فلهذا لا يجوز الإقرار بخلاف الصلح فإنه إنشاء عقد يمكن تصحيحه في نصيب أحدهما دون الآخر وهو نظير المريض إذا أقر لوارثه ولأجنبي لم يجز إقراره لواحد منهما ولو أوصى لأجنبي ولوارثه بثلث ماله جاز في نصيب الأجنبي فهذا قياسه والله أعلم بالصواب .
$ باب الصلح في العارية والوديعة $ ( قال رحمه الله ) وإذا قال المستودع ضاعت الوديعة أو قال رددتها عليك فهو مصدق في ذلك لكونه أمينا فإن صالحه صاحبها بعد هذا الكلام على مال لم يجز الصلح في قول أبي يوسف رحمه الله وهو قول أبي حنيفة رحمه الله والرواية في الأجير المشترك إذا ادعى الرد ثم صالح صاحبه على ما قال فالأجير عنده أمين كالمودع وقال محمد رحمه الله الصلح صحيح والحاصل أن في هذه المسألة ثلاثة أوجه ( أحدها ) أن يدعي صاحبها عليه الاستهلاك وهو ينكر ذلك وفي هذا يجوز الصلح والاتفاق لأن صاحبها يدعي عليه دينا بسبب لو أقر به لزمه فهذا صلح مع الإنكار وذلك صحيح عندنا ( والثاني ) أن يقول المودع قد هلكت أو رددتها ولا يدعي صاحبها عليه الاستهلاك ولكنه يكذبه فيما يقول ففي هذا خلاف كما بينا وجه قول محمد رحمه الله أن صاحبها يدعي عليه الضمان بالمنع بعد طلبه وذلك منه بمنزلة الغصب ولو ادعى غصبا على إنسان ثم صالحه على مال جاز الصلح بناء على زعم المدعي فهذا مثله لأن الثمن باق على المودع فهو بهذا الصلح بقي عليه بمال وذلك صحيح عندنا وأبو يوسف رحمه الله يقول المودع أمثل فيثبت بخبره ما أخذ عن دعوى الرد أو الهلاك لأن تأثير كونه أمينا في قبول قوله فصار ثبوت ذلك بقوله كثبوته بالبينة ولو ثبت ذلك بالبينة لم يجز الصلح بعد ذلك وتوجه اليمين على المودع لنفي التهمة عنه لأن البراءة تظهر بخبره بدليل إنه لو مات قبل أن يحلف كانت البراءة تامة وإذا ثبت حصول البراءة بخبره فهو كما لو أبرأ المغصوب منه الغاصب عن المستهلك ثم صالحه على مال وإنما يجوز بالصلح فداء اليمين التي هي حق المدعي خلفا عما فوت عليه