على حاله أما في قوله لا حاجة لي في الأجل فإنه غير مسقط للأجل لأن الإنسان قد يكون حقه قائما وإن كان هو لا يحتاج إليه فإظهاره الاستغناء عنه لا يكون إسقاطا للأجل ومعنى قوله لا حاجة لي في الأجل إني قادر على أداء المال في الحال وبقدرته على الأداء لا يسقط الأجل وقوله قد برئت من الأجل بمنزلة قوله أبرأت الطالب منه وذلك لغو فإن الأجل حق المطلوب من حيث إنه يؤخر المطالبة عنه ولكن لا يستوجب به شيئا في ذمة الطالب فإبراء الطالب وليس له في ذمة الطالب شيء يكون لغوا بخلاف قوله أبطلت الأجل فذلك إسقاط منه لحقه وتصرف منه في المال الذي في ذمته بجعله حالا وليس يتصرف في ذمة الطالب بشيء فلهذا كان صحيحا ولو ادعى عليه ألف درهم فأنكرها ثم صالحه على أن باعه بها عبدا فهو جائز وهذا إقرار منه بالدين بخلاف قوله فصالحتك منها وقد تقدم بيان هذا الفرق أن البيع لفظ خاص بتمليك مال بمال فإقدام المدعي عليه على البيع يكون إقرارا منه إنه يملكه العبد بالمال الذي عليه وذلك إقرار منه بالمال فأما الصلح فتمليك المال بإزاء إسقاط الدعوى والخصومة فلا يكون إقرارا حتى لو قال صالحتك من حقك على أن لك هذا العبد كان إقرارا بحقه أيضا ولو صالحه من الدين على عبد وهو مقر به وقبضه لم يكن له أن يبيعه مرابحة على الدين والصلح مخالف للبيع يعني لو اشترى بالدين العبد كان له أن يبيعه مرابحة لأن مبني الشراء على الاستقصاء فلا يتمكن فيه شبهة التجوز بدون الحق ومبني الصلح على الإغماض والتجوز بدون الحق فيتمكن فيه شبهة الحط وبيع المرابحة مبني على الاحتياط والشبهة فيما هو مبني على الاحتياط يعمل عمل الحقيقة ولو ادعى على رجل كر حنطة قرضا فجحده فصالحه فضولي على أنه اشتراه منه بتصييره دراهم ونقدها إياه كان الصلح باطلا لأن الشراء تمليك مال بمال فيصير المصالح مشتريا الدين من غير من عليه الدين وذلك باطل ولو لم يشتره ولكن صالحه منه على عشرة دراهم ودفعها إليه فهو جائز لأنه التزم المال عوضا عن إسقاط المدعي حقه قبل المدعي عليه وذلك صحيح وإنما أوردنا هذه الفصول لإيضاح الفرق بين لفظ البيع ولفظ الصلح وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم من ثمن مبيع حال فأخر أحدهما حصته لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله وجاز في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ويأخذ الآخر حصته ولا يشاركه المؤخر في المقبوض حتى يمضي الأجل فحينئذ يكون له أن يشارك القابض في المقبوض وجه قولهما أن المؤخر تصرف في خالص نصيبه ولا ضرر على شريكه