للمدعي فيها شركاء لم يجز صلحه عليهم وهم على حجتهم في إثبات أنصبائهم لأنه لا ولاية للمدعى عليه على شركاء المدعي لتملك أنصبائهم منه وكذلك لو كان هذا الصلح في أرضه على أن يزرعها ذو اليد خمس سنين على أن رقبتها للمدعي فهو جائز لما قلنا .
ولو اشترى دارا فاتخذها مسجدا ثم ادعى رجل فيها دعوى فصالحه الذي بنى المسجد والذين بين أظهرهم المسجد فهو جائز لأنهم ينتفعون بهذا الصلح ولو صالحه من لا ينتفع به كالفضولي والتزم المال كان الصلح جائزا فإذا صالحه من ينتفع به كان إلى الجواز أقرب .
وكذلك لو باع الدار أو وهبها لابن صغير أو جعلها مقبرة أو غيرها عن حالها ثم صالح عنها المدعي فهو فيما يلتزم من المال بالصلح لا يكون دون فضولي فيجوز ذلك منه وإذا أنكر المدعى عليه دعوى المدعي بعد الإقرار ثم صالحه جاز الصلح لأنه لا معتبر بإنكاره بعد الإقرار فهذا صلح على الإقرار وهو جائز بالاتفاق .
وإن أنكر في الابتداء وصالح ثم أقر أنه كان محقا في دعواه فالصلح ماض وهو آثم بالجحود لكونه كاذبا فيه ظالما ولكن الصلح من المدعي إسقاط لحقه بعوض وقد بينا أن جحود الخصم لا يمنع صحة الإسقاط من المسقط بغير عوض .
( ألا ترى ) أن الطالب لو أبرأ المديون وهو جاحد للدين كان إبراؤه صحيحا فكذلك جحوده لا يمنع صحة الإسقاط بعوض وهذا لأن الإسقاط تصرف من المسقط في حقه .
( ألا ترى ) أن إنكار المرأة للنكاح لا يمنع صحة الطلاق من الزوج بعوض كان أو بغير عوض وكذلك إنكار القاتل لا يمنع صحة العفو من الولي لهذا المعنى .
ولو ادعى دارا في يد رجل فصالحه منها على خدمة عبد سنة ثم أعتقه صاحبه جاز عتقه لأن العبد باق على ملكه وإن صارت خدمته للمدعي وإعتاقه في ملك نصيبه نافذ كالوارث إذا أعتق العبد الموصي بخدمته نفذ وكان صاحب الخدمة على حقه لأن خدمته صارت مستحقة له بعقد لازم والعتق لا ينافي بقاءها .
ولو أعتقه المدعي لم ينفذ عتقه لأنه مالك للخدمة ونفوذ العتق باعتبار ملك الرقبة وهو من رقبته كأجنبي آخر فلا ينفذ عتقه لقوله صلى الله عليه وسلم لا عتق فيما لا يملك بن آدم ولو أن رب العبد باعه لم يجز بيعه لأنه عاجز عن تسليمه فلا ينفذ بيعه فيه لحق صاحب الخدمة كالآجر إذا باع العبد المؤجر أو الوارث إذا باع العبد الموصي بخدمته أو الراهن إذا باع المرهون ولصاحب الخدمة أن يؤجره للخدمة لما بينا أنه ملك خدمته بعقد معاوضة فهو كالمستأجر يملك أن يؤاجر .
قال ( وله أن يخرج بالعبد من المصر إلى أهله ) وقد ذكرنا في كتاب الإجارات أن من استأجر