وفي حق الآخر بشهادة الآخر أخذ الأولين مع الثالث وإن شهد اثنان على أحدهما أنه كفل له هو وفلان عن فلان بألف درهم على أن يأخذ أيهما شاء وشهد له الآخران على كفيل الآخر بمثل ذلك كان له أن يأخذ أيهما شاء بجميع المال لأن الحجة قد تمت في حق كل واحد منهما بالتزامه جميع المال ولو شهد له شاهدان بالمال حالا على الأول وشهد له آخران على الآخر بالمال إلى أجل على مثل شهادة الأول كان جائزا وأخذ الطالب صاحب الأجل بالمال إلى أجله والآخر بالمال حالا اعتبارا للثابت بالبينة بالثابت بالمعاينة .
وكذلك إن اختلف الفريقان في مبلغ المال أخذ الطالب أيهما شاء بما شهد به الشاهدان عليه اعتبارا بما لو أقر كل واحد منهما بذلك القدر .
وإذا ادعى رجل كفالة ألف درهم له على رجل قد سماه فشهد شاهدان أنه كفل له بألف درهم عن رجل وقالا رأيناه ولم نعرفه أو لم نره ولكن الكفيل أشهدنا على ذلك فالمال لازم للكفيل لأنهما يشهدان على قوله فهو بمنزلة شهادتهما على إقراره والمشهود له معلوم إذا أدى الكفيل المال لم يرجع على المكفول عنه إلا أن يشهد له شاهدان أنه أمره بذلك .
وإن أراد الطالب أن يأخذ الأصيل دون الكفيل لم يكن له ذلك إذا جحد لأن البينة الأولى ليست بحجة على الأصيل حين لم يعرفه الشهود أو لم يروه .
وإذا ادعى الرجل على الرجل ألف درهم أحال بها فلان الغائب وأقام البينة فأدى إليه المحتال عليه رجع بها على المحيل ولم يكلف إعادة البينة عليه لأن المحتال عليه التزم بالحوالة بالمال الذي هو على الأصيل وإنما يتحول إلى ذمته ما كان في ذمة الأصيل على أن يكون هو خلفا عن الأصيل .
ولهذا لو مات مفلسا عاد المال إلى الأصيل فانتصب هو خصما عنه ومن ضرورة القضاء عليه بالحوالة بالأمر القضاء بالمال على المحتال عليه .
ولو كان الطالب غائبا فأقام المحتال عليه البينة على الأصيل أنه كان لفلان عليك ألف درهم وأحلته بها علي وأديتها إليه قضيت بها له عليه وهو قضاء على الطالب بالاستيفاء لأنه ادعى لنفسه المال على الأصيل ولا يتوصل إلى ذلك إلا بإثبات الأداء إلى الطالب ولا يتوصل الأصيل إلى دفع ذلك عن نفسه إلا بإنكار قبض الطالب بالاستيفاء فلا يلتفت إلى جحوده بعد ذلك إذا حضر والكفالة في هذا قياس الحوالة .
ولو ادعى رجل على رجل كفالة بنفس أو مال أو حوالة ولا بينة له استحلف المدعى عليه فإن نكل عن اليمين لزمه ذلك وإن حلف بريء ورجع المدعي على صاحب الأصيل بالمال وهذا ظاهر في الكفالة فإن الكفالة لا توجب سقوط مطالبة الطالب عن الأصيل وكذلك في الحوالة لأن