كفل له بألف درهم عن فلان كان له أن يأخذه بالمال لأنه ما أكذبهما في الشهادة ويجعل ما ثبت بشهادتهما كالثابت بإقرار الخصم .
( ولو قال لم يقر بهذا وإنما أقر أنها كانت عن فلان بطلت شهادتهما ) لأنه قد أكذبهما ولو أنكر المطلوب أن يكون للطالب عليه شيء فشهد له شاهدان بألف درهم فجاء المطلوب بشاهدين يشهدان بالبراءة منها والدفع إليه أجزت ذلك لأنه لا منافاة بين إنكاره للمال في الحال وبين ما ادعى من الإبراء والإيفاء .
وكذلك لو قال لم يكن له علي شيء قط ثم أقام البينة على الإبراء والإيفاء .
وكان بن أبي ليلى رحمه الله يقول هنا لا تقبل بينته لكونه مناقضا في دعواه .
ولكنا نقول هو غير مناقض لأنه يقول ما كان له علي شيء قط ولكن افتديت نفسي من المال الذي ادعاه علي أو سألته أن يبرئني ففعل ذلك والبينة حجة فلا يجوز إبطالها مع العمل بها .
ولو كان قال لم أدفع إليه شيئا أو لم أقبضه شيئا أو لم أعرفه أو لم أكلمه أو لم أخالطه لم أقبل منه البينة بعد ذلك على دفع المال لأن ما تقدم من كلامه إكذاب منه لشهوده وشهادة الشاهدين على البراءة في دين أو كفالة وقد اختلفا في الوقت أو المكان جائزة لأن البراءة جائزة بإقرار من الطالب فلا يضرهم الاختلاف في المكان أو الزمان .
ولو كانوا كفلاء ثلاثة بعضهم كفيل عن بعض فشهد اثنان على واحد أنه دفع المال الذي عليهم لم تجز شهادتهما لأنهما ينفعان أنفسهما بذلك وهو إسقاط مطالبة الطالب عنهما ولم يرجع عليهما المشهود له بشيء لأنهما لم يبرآ من شيء من حق الطالب وإنما يرجع الكفيل على الأصيل إذا استفاد الكفيل البراءة من حق الطالب فإذا لم يوجد ذلك لم يرجع عليهما بشيء والله أعلم .
$ باب ما يصدق فيه الدافع من قضاء الدين $ ( قال رحمه الله ) ( وإذا كان لرجل على رجل ثلاثمائة درهم كل مائة منها في صك فصك منها قرض وصك كفالة عن رجل وصك كفالة عن آخر فدفع المطلوب مائة درهم إلى الطالب وأشهد أنها من صك كذا فهي من ذلك الصك ) لأنه هو المعطي وقد صرح في الإعطاء بالجهة التي أعطي بها المال فتصريحه بذلك نفي منه الإعطاء بسائر الجهات ولا معارضة بين النافي والمثبت وكذلك إن لم يشهد عند الإعطاء فوقع الاختلاف بينه وبين الطالب في الجهة التي أعطي بها فالقول قول المطلوب لأنه هو المالك لما أدى من الطالب .
والقول في بيان جهة الطالب للتمليك قول المملك لقوله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف المتبايعان فالقول ما يقوله البائع .
وهذا لأنه