الطالب أو أحضره القاضي فكفل عنده ثم رده الكفيل إلى الطالب بريء لأن الكفالة كانت له وقد أوفاه حقه حين سلم نفس الخصم إليه وإن كانت الكفالة للقاضي أو لرسوله الذي كفل له به .
وقال زفر رحمه الله يبرأ لأن الكفالة للطالب في الوجهين جميعا فإنها تنبني على دعواه ولكنا نقول المقصود لا يعتبر مع التصريح بخلافه وقد صرح الكفيل بالتزام النفس إلى القاضي أو إلى رسوله فلا يبرأ بدونه .
وإن كفل له بنفسه إلى ثلاثة أيام فتغيب الطالب فالكفيل على كفالته حتى يدفع صاحبه إليه ويبرأ منه لأن التزام التسليم إليه لا يبرأ بمضي الوقت بدون الوفاء بما التزم .
والعبد التاجر والمكاتب والصبي التاجر مطلوبا كان أو طالبا والمستأمن والذمي والمرتد في جميع ذلك بمنزلة الحر المسلم لأن الكفالة بالنفس تنبني على الدعوى والدعوى صحيحة من هؤلاء وعليهم .
وإن قدم رجل مكاتبه إلى القاضي وادعى مضي أجل الكتابة وقال بينتي حاضرة فخذ لي منه كفيلا بنفسه لم يأخذه لأنه عبده والمولى لا يستوجب على عبده حقا قويا يصح التزامه بالكفالة .
( ألا ترى ) أنه لو كفل عن المكاتب لمولاه ببدل الكتابة الذي عليه لم يجز ذلك وكذلك لا يأخذ كفيلا بنفسه في دعوى ذلك قبله .
( ألا ترى ) أن المكاتب يتمكن من أن يعجز نفسه فلا يطالب بشيء من ذلك وكذلك لو ادعى على عبد له تاجر دعوى وعليه دين أو لا دين عليه فإن المولى لا يستوجب على عبده دينا ولو ادعى المكاتب قبل مولاه دينا .
فإنه يؤخذ للمكاتب كفيل بنفس المولى لأنه يستوجب قبل مولاه من الحق ما يستوجبه قبل غيره .
( ألا ترى ) أنه لو كفل كفيل بالدين الذي له على مولاه جاز فكذلك يؤخذ له الكفيل بنفسه وكذلك العبد التاجر يدعي قبل مولاه دينا وعلى العبد دين لأن كسبه حق غرمائه فهو يستوجب قبل مولاه .
حق غرمائه .
وإن لم يكن على العبد دين لم يؤخذ له من مولاه كفيل لأن كسبه خالص حق المولى ولا حق له قبل مولاه إذا لم يكن عليه دين .
وإن ادعى رجل دعوى والمدعى عليه محبوس في حق رجل فأراد الطالب أن يخرجه من السجن حتى يخاصمه فقال الذي حبسه خذ لي منه كفيلا بنفسه فيما لي عليه فإنه يخرجه له ويخاصمه وهو معه حتى يرده إلى محبسه ولا يأخذ منه كفيلا بنفسه لأنه في يده وهو محبوس معناه إنما يخرجه مع أمينه وهو في السجن محبوس في يد أمينه فكذلك إذا أخرجه ولا غرض للطالب هنا في المطالبة بالكفيل سوى التعنت فلا يحبسه القاضي إلى ذلك .
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله في الكفالة بالنفس لا يجعل لها أجلا إنما ذلك على قدر خلوصه إلى القاضي