كما كانت من قبل فلا يتحقق التوي ولا العيب بهذا السبب بخلاف ما لو كان بعد الموت مفلسا لأن الذمة خرجت من أن تكون محلا صالحا للالتزام فيثبت التوي بهذا الطريق حكما وأما ذات المحتال عليه فقال الطالب لم يترك شيئا وقال المطلوب قد ترك وفاء فالقول قول الطالب مع يمينه على علمه لأنه متمسك بالأصل وهو العسرة ولأنه بالحوالة لم يدخل في ملك المحتال عليه ولو كان وهو حي يزعم أنه مفلس فالقول قوله فكذلك بعد موته إذا زعم الطالب أنه مفلس فالقول قوله مع يمينه على علمه .
توضيحه أن ذمته بالموت خرجت من أن تكون محلا صالحا للالتزام وبه يتحقق التوي إلا أن يكون هناك مال يخلف الذمة في ثبوت حق الطالب فيه فالمطلوب يدعي هذا الخلف والطالب منكر لذلك فجعلنا القول قوله لهذا .
ولو كفل بالمال من غير شرط البراءة ثم أن الطالب أبرأ الذي عليه الأصل من المال بعد الكفالة برئا جميعا لأن إبراء الكفيل إسقاط لأصل الدين وذلك موجب لبراءة الكفيل ضرورة فكما أن الكفالة لا تصح إلا باعتبار مال واجب في ذمة الأصيل فكذلك لا تبقى بعد سقوط المال عن ذمة الأصيل بالإبراء وهذا بخلاف ما لو كانت الكفالة بشرط الأصل لأن ذلك صار عبارة عن الحوالة واللفظ إذا جعل عبارة عن غيره مجازا سقط اعتبار حقيقته في نفسه .
توضيح الفرق أن الكفالة بشرط براءة الأصيل لا تكون إسقاطا لأن أصل الدين يكون تحويلا إلى ذمة الكفيل بالطريق الذي قلنا فأما إبراء الأصيل بعد الكفالة فيكون إسقاطا لأصل الدين والمطالبة تنبني على وجوب أصل الدين فكما لا يبقى على الأصيل مطالبة بعد الإسقاط فكذلك على الكفيل والدليل على الفرق ما أشار إليه وهو أن الصبي التاجر إذا كان له على رجل مال فضمنه له آخر على أن أبرأ الأول أو كان عليه مال لرجل فضمنه لآخر بأمر صاحبه على أن أبرأ المكفول له فهو جائز ولو كان هذا إسقاطا لأصل الحق عن الأصيل ما ملك الصبي التاجر فيما له على غيره كإبراء الأصيل بعد الكفالة .
ولو كان هذا من المحتال عليه التزاما للمال في ذمته ابتداء ما ملكه الصبي التاجر فيما عليه وبهذا الفصل يتبين الفرق وكذلك في الصرف ورأس مال السلم الحوالة تصح والكفالة بشرط براءة الأصيل تصح ولا يبطل به عقد السلم بخلاف ما إذا أبرأ الأصيل بعد الكفالة فقبله الأصيل حيث يبطل به عقد السلم .
ولو قال لرجل آخر ما أقر لك به فلان من شيء فهو علي فقامت عليه بينة أنه أقر بعد الكفالة بألف درهم لزم الكفيل الألف لأن الثابت من إقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة وإن شهدوا أنه أقر بذلك قبل