رحمه الله تعالى في الأمالي واستدلا في ذلك بقول رسول الله في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض فإن لم تكن فابن لبون ذكر عين رسول الله بن اللبون عند عدم ابنة مخاض ولكنا نقول إنما اعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المعادلة في المالية معنى فإن الإناث من الإبل أفضل قيمة من الذكور والمسنة أفضل قيمة من غير المسنة فأقام رسول الله زيادة السن في المنقول إليه مقام زيادة الأنوثة في المنقول عنه ونقصان الذكورة في المنقول إليه مقام نقصان السن في المنقول عنه ولكن هذا يختلف باختلاف الأوقات والأمكنة فلو عينا أخذ بن اللبون من غير اعتبار القيمة أدى إلى الإضرار بالفقراء أو الإجحاف بأرباب الأموال .
الفصل الثالث أن أداء القيمة مكان المنصوص عليه في الزكاة والصدقات والعشور والكفارات جائز عندنا .
خلافا للشافعي رحمه الله تعالى فظن بعض أصحابنا أن القيمة بدل عن الواجب حتى لقبوا هذه المسألة بالأبدال وليس كذلك فإن المصير إلى البدل لا يجوز إلا عند عدم الأصل وأداء القيمة مع قيام عين المنصوص عليه في ملكه جائز عندنا ( حجته ) في ذلك قوله في أربعين شاة شاة وهذا بيان لما هو مجمل في كتاب الله تعالى لأن الايتاء منصوص عليه والمؤتى غير مذكور فالتحق بيانه بمجمل الكتاب فصار كأن الله تعالى قال وآتوا الزكاة من كل أربعين شاة شاة فتكون الشاة حقا للفقير بهذا النص فلا يجوز الاشتغال بالتعليل لإبطال حقه من العين والمعنى فيه أن هذا حق مالي مقدر بأسنان معلومة شرعا فلا يتأدى بالقيمة كالهدايا والضحايا أو يقال قربة تعلقت بمحل عين فلا يتأدى بغيره كالسجود لما تعلق بالجبهة والأنف لم يتأد بالخد والذقن وجواز أداء البعير عن خمس من الإبل عندي باعتبار النص لا باعتبار القيمة فإن النبي قال خذ من الإبل الإبل إلا أنه عند قلة الإبل أوجب من خلاف الجنس للتيسير على أرباب الأموال فإذا سمحت نفسه بأداء البعير فقد ترك هذا التيسير فجاز باعتبار النص لا باعتبار القيمة ( ولنا ) قوله تعالى ! < خذ من أموالهم صدقة > ! فهو تنصيص على أن المأخوذ مال وبيان رسول الله لما ذكر للتيسير على أرباب المواشي لا لتقييد الواجب به فإن أرباب المواشي تعز فيهم النقود والأداء مما عندهم أيسر عليهم .
ألا ترى أنه قال في خمس من الإبل شاة وكلمة في حقيقة للظرف وعين الشاة لا توجد في الإبل فعرفنا أن المراد قدرها