الجبر لا يهدي إلى ذلك .
فأما أبو الحسن الأهوازي من حساب أصحابنا رحمهم الله فكان يقول إنما تعذر تخريج هذه المسألة لما وقع فيها من جذر الأصم وكانت عائشة رضي الله عنها تقول سبحان من لا يعلم الجذر الأصم إلا هو .
وقيل الجذر الأصم مغلق ضل مفتاحه فلا يعرفه أحد من العباد بطريق التحقيق وبرهن بمقالته بمسئلة مجتذرة من هذا الجنس وحققها وخرجها وسئل القاضي أبو عاصم الجنوبي في زمانه وكان مقدما في الحساب أن يخرج هذه المسألة فتكلف لذلك مدة وخرجها بالتقريب دون التحقيق .
( والحاصل ) أن من تكلف لذلك من أصحابنا رحمهم الله تعذر عليه تخريج المسألة بالتحقيق أصلا وكل ما ذكروه عندي في تصنيف ولكن لم يكن معي شيء من كتبي ولم يجد به خاطري الآن فإن تيسر وصولي إلى كتبي أو جاد به خاطري أي وقت أتيت منه بقدر الممكن إن شاء الله تعالى ثم نعيد المسألة في آخر الكتاب بعينها ومن أراد من أصحابنا رحمهم الله التخلص من هذه الخصومة يقول الطالب إذا اختار الرجوع على أحدهما ثم ضرب ببقية دينه في تركة الآخر فما سلم لورثة الكفيل لا يرجع فيه الطالب بشيء لأنه بدل ما وصل إلى الطالب ولا يجتمع البدل والمبدل في ملك رجل واحد ولكن يكون ذلك سالما لغريم الكفيل غير أن هذا من حيث المعنى بعيد فإن ما يأخذون مال الكفيل فكيف يسلم ذلك لأحد غريميه دون الآخر .
ولو كفل بنفس رجل إلى آخر الشهر فإن لم يواف به فهو وكيل في خصومة ما بينهما ولم يبين أي خصومة هي والكفالة بالنفس جائزة ولا يكون وكيلا في الخصومة لأنه إذا لم يبين أنه في أي خصومة وكيله فالوكيل عاجز عن تحصيل مقصود الموكل لأن ما وكله به مجهول جهالة متفاحشة ولم يفوض الأمر إلى رأيه على العموم ولكن فساد الوكالة بالخصومة لا يوجب فساد الكفالة بالنفس لأن أحد الحكمين منفصل عن الآخر فالمفسد في أحدهما لا يتعدى إلى الآخر .
وكفالة الصبي التاجر بإذن أبيه أو بغير إذنه بنفس أو مال باطلة لأنه تبرع ولا يملكه الصبي بغير إذن أبيه ولا بإذنه كالهبة وهذا لأن عقل الصبي إنما يعتبر شرعا فيما ينفعه والتبرع ليس من جنس ما ينفعه عاجلا وإذن الأب له لا يصح فيما لا يملك الأب مباشرته كالطلاق ونحوه ولأن الكفالة إقراض للذمة بالتزام الحق فيها فكان كإقراض المال فلا يملكه الصغير بإذن أبيه ولا بغير إذنه والمعتوه والمبرسم الذي يهذي في ذلك كالصبي .
وكذلك رجل عليه مال أدخل ابنا له غير بالغ معه في الكفالة أو بنفسه فهو باطل لأنه لما كان لا يملك الكفالة عن الغير بإذن الأب فلأن لا يملك عن الأب