عند وجود الرضا من الطالب والمطلوب وإذا كانت الكفالة بغير أمره لا يمكن إثبات أصل المال في ذمته حتى يتملكه بالأداء لانعدام الرضا من المطلوب بذلك فلهذا لا يرجع عليه .
قال ( وكذلك لو كان المطلوب عبدا تاجرا ) لأنه تبرع عليه والعبد في التبرع عليه كالحر ولو كفل بنفس المطلوب على أن يوافيه به إذا ادعى به فإن لم يفعل فعليه الألف التي له عليه فلو سأله الرجل أن يدفعه إليه فدفعه إليه مكانه فهو بريء من المال لأن شرط التزام المال عدم الموافاة حين يطلبه منه فإذا وافاه به في المجلس الذي طلب منه فقد انعدم شرط وجوب المال .
وإن لم يدفعه إليه فقد تقرر شرط وجوب المال فيلزمه .
وكذلك إن قال ائتني به العشاء أو الغداء فلم يوافه به على ما قال فالمال لازم عليه لوجود شرطه وإن قال الطالب ائتني به غدوة وقال الكفيل آتيك به بعد غدوة فأبى الطالب أن يفعل فلم يواف به الكفيل غدوة فالمال عليه لأن الكفيل استمهله وله أن يأبى الإمهال فإذا أباه بطل ذلك الاستمهال فيبقى عدم الوفاء إلى الوقت الذي طلب منه فيلزمه المال وإن أخره الطالب إلى بعد غد كما قال فقد أجابه إلى ما التمس من الإمهال وصار في التقدير كأنه أمره بالموافاة بعد غد فإذا أوفاه به فقد بريء عن المال وإن مضى بعد غد ولم يوافه به فعليه المال وإن كان شرط أن يوافيه به عند مكان القاضي فدفعه إليه في السوق أو الكناسة فهو بريء من المال لأنه أتاه بالموافاة المستحقة عليه فإن التقييد بمكان القاضي غير معتبر لأن المقصود أن يتوصل إلى الخصومة معه وذلك حاصل بالتسليم في المصر وقد بينا هذه الفصول في الباب المتقدم .
وإن شرط عليه أن يدفعه إليه عند الأمير فدفعه إليه عند القاضي أو شرط عليه عند القاضي فدفعه إليه عند الأمير أو شرط له عند القاضي فاستعمل قاض غيره فدفعه إليه عنده فهو بريء لأنه ليس المقصود بهذا التقييد عين القاضي والأمير وإنما المقصود تمكنه من إثبات الحق عليه بالحجة والاستيفاء منه بقوة الوالي وفي هذا المقصود الأمير والقاضي الأول والثاني سواء وقد بينا أن ما لا يكون مفيدا من التقييد لا يعتبر .
ولو كفل بوجهه على أنه إن لم يواف به غدا فعليه ما عليه وهو الألف درهم فهو جائز لا على ما شرط ولو كفل بيده أو برجله على هذا الشرط كان باطلا لا يلزمه المال فيه والفرق بينهما أن الكفالة الثابتة بالمال مبنية على الكفالة الأولى بالنفس والكفالة بالنفس بالإضافة إلى الوجه تصح فإذا صح ما هو الأصل صح ما جعل بناء عليه لمعنى وهو أن الكفالة بالمال لا يمكن إثباتها بهذه الصفة مقصودا لأنه علقها بالشرط وتعليق الكفالة بالشرط لا يصح وإنما