مال المكفول عنه لم يصح فكذلك إذا كفل بالنفس .
وحجتنا في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كفل رجلا في تهمة والتكفيل أخذ الكفيل بالنفس وكان بين علي وبن عمرو رضي الله عنهما خصومة فكفلت أم كلثوم رضي الله عنها بنفس علي رضي الله عنه وكفل حمزة بن عمر والأسلمي في تهمة رجل فاستصوبه عمر رضي الله عنه .
وإن بن مسعود رضي الله عنه لما استناب أصحاب بن النواحة كفلهم عشائرهم ونفاهم إلى الشام .
والمعنى فيه أنه التزم تسليم ما هو مستحق على الأصل فتصح كالكفالة بالمال ومعنى هذا أن تسليم النفس مستحق على الأصيل حقا للمدعي حتى يستوفي عند طلبه فإن القاضي يقطعه عن أشغاله ويحضرة مجلسه عند طلب خصمه وقد ذم الله تعالى قوما على الامتناع عن الحضور بقوله ! < وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم > ! 48 الآية وإنما يذم الامتناع بما هو مستحق عليه فإذا ثبت أن التسليم مستحق وهو مما تجري فيه النيابة صح التزامه بالكفالة والظاهر أن الإنسان لا يكفل إلا بنفس من يقدر على تسليمه ممن هو تحت يده أو ينقاد له في التسليم خصوصا إذا كفل بأمره فإنه هو الذي أدخله في هذه الورطة فعليه إخراجه بالانقياد له لتسليمه إلى خصمه إلا أنه إذا كان كفل بالمال والديون تقضي بأمثالها وهو موجود في يد الكفيل فلا حاجة إلى إثبات الولاية له في مال الأصيل فيؤمر بالأداء من مال نفسه ثم يؤمر بالرجوع عليه وفي النفس لا يتأتى التسليم إلا بإحضار الأصل فيثبت له عليه ولاية الإحضار للتسليم .
وكذلك إن كان كفل بغير أمره لأنه يتمكن من أن يدعي عليه مالا ليحضره القاضي فيسلمه إلى خصمه ويكون هذا كذبا ولا رخصة في الكذب .
والأصح أن يقول ليس التسليم كله في إحضار الأصل إذا أتى بالطالب إلى الموضع الذي فيه المطلوب فبدفعه يتحقق التسليم مع أن شرط صحة الالتزام كون الملتزم ملتزما ما لا قدرة له على أدائه كالتزام حقوق الله تعالى بالنذر حتى أن من نذر أن يحج ألف حجة يلزمه وإن كان لا يعيش هو ألف سنة ليؤدي فهنا أيضا التسليم يتأتى فيصح التزامه وإن كان الكفيل ربما يعجز عنه .
وعن الشعبي رحمه الله في رجل كفل بنفس رجل فمات المكفول بريء الكفيل وبه نأخذ لمعنيين أحدهما أن الخصومة وتسليم النفس إلى الخصم الذي سقط عن الأصل بموته وبراءة الأصيل بأي طريق يكون موجب براءة الكفيل .
والثاني أن محل التسليم فات بموته ولا يتأتى التسليم بدون المحل فكما أن عدم تأتي التسليم يمنع ابتداء الكفالة فكذلك يمنع بقاءها .
ثم ذكر عن أبي حنيفة رحمه الله في الرجل يكفل بنفس الرجل ثم لم يأت