عقد متفرقة كان له أن يختار إحدى الأختين أو أي أربع شاء من الخمس ) لأن العقود كلها تتوقف على إجازته فإن الجمع بين نكاح الأختين لا يكون نافذا بل موقوفا والعقد الموقوف لا يوجب الحل ولا يثبت الفراش فلا يكون من ضرورة توقف العقد الأول امتناع توقف الثاني ولا من ضرورة توقف العقد الثاني بطلان الأول فإذا توقف الكل كان له أن يختار ما شاء من ذلك على وجه لا يحصل به الجمع بين الأختين ولا بين خمس نسوة .
وإن كان ذلك في عقد واحد لم يكن له أن يختار نكاح شيء منهن لأنه إنما يتوقف على إجازته ما يتصور نفوذه بالإذن السابق وهو لا يجوز لو باشره بنفسه وهذا العقد لا ينفذ بمباشرته ولا بإذنه سابقا فلا يتوقف على إجازته بخلاف العقود المتفرقة فإن كل عقد من ذلك معتبر على حدته وهو مما ينفذ بمباشرته وبإذنه السابق فيتوقف على إجازته أيضا .
قال ( وإن وكله أن يزوجه من النساء ما شاء وكيف شاء فزوجه أمة مسلمة أو كتابية أو أربع إماء جاز ) لأنه فوض الأمر إلى رأيه على العموم فمباشرته فيما يكون من جنس التزويج كمباشرة الموكل بنفسه .
قال ( وإن وكله أن يزوجه امرأتين في عقدة فزوجه واحدة جاز ) لأنه امتثل أمره في بعض ما أمر به وحكم نكاح هذه لا يختلف بضم نكاح الأخرى إليها فلا يكون هذا التفريق من الوكيل خلافا للأصل الذي بينا أن التقييد إنما يعتبر إذا كان مفيدا وهذا التقييد غير مفيد .
ولو كان قال لا يزوجني إلا اثنين في عقدة واحدة لم يلزمه نكاح امرأة واحدة لأنه نهاه عن العقد هنا واستثنى عقدا واحدا فما لا يكون بصفة المستثنى فهو داخل في عموم النهي بخلاف الأولى فإنه ما نهاه عن شيء نصا بل أمره وقيد الآمر بما ليس بمقيد وهو نظير ما سبق إذا قال لاتبع إلا بشهود فباع بغير شهود لا يجوز بخلاف ما لو باع وقد قال له بع بشهود .
قال ( ولو وكله أن يزوجه امرأة بعينها فإذا لها زوج فمات عنها أو طلقها وانقضت عدتها ثم زوجها إياه الوكيل جاز ) لأنها لما لم تكن محلا عند التوكيل لما أمر به الموكل صار التوكيل كالمضاف إلى ما بعد صيرورتها محلا فإن التوكيل يحتمل الإضافة ويحصل مقصود الموكل في ذلك ولو تزوجها الموكل ثم أبانها لم يكن للوكيل أن يزوجها إياه لأن ما قصد تحصيله بتصرف الوكيل قد حصل له بمباشرته فأوجب ذلك عزل الوكيل ثم لا يعود التوكيل بالإبانة لأنه ليس بفسخ لذلك العقد من الأصل .
قال ( ولو تزوجها الوكيل ودخل بها ثم أبانها وانقضت عدتها ثم زوجها إياه جاز ) لأن مقصود الموكل لم يحصل بمباشرة الوكيل العقد الأول مع نفسه ولا منافاة بين ذلك العقد وبين الوكالة .
( ألا ترى ) أن ابتداء التوكيل